جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 13 يوليو 2023

(123)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ

 

قوله تَعَالَى: ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21)﴾ [المعارج: 20].

﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19)يفسره ما بعده: ﴿إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21)﴾.
 
قال ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ في «شفاء العليل»(165): وهذا أي قوله: ﴿إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21)-تفسير الهلوع، وهو شدة الحرص الذي يترتب عليه الجزع والمنع، فأخبر سبحانه أنه خلق الإنسان كذلك، وذلك صريح في أن هلعه مخلوق للّه، كما أن ذاته مخلوقة، فالإنسان بجملته ذاته وصفاته وأفعاله وأخلاقه مخلوق للّه، ليس فيه شيء خلق للّه وشي ء خلق لغيره، بل اللّه خالق الإنسان بجملته وأحواله كلها، فالهلع فعله حقيقة، واللّه خالق ذلك فيه حقيقة، فليس اللّه سبحانه بهلوع، ولا العبد هو الخالق لذلك. اهـ.

وقال رَحِمَهُ اللهُ في «الجواب الكافي»(105): ونظير هذا أنه ذم الإنسان وأنه خلق هلوعًا، لا يصبر على شر ولا خير، بل إذا مسه الخير منع وبخل، وإذا مسه الشر جزع إلا من استثناه بعد ذلك من الناجين من خلقه.

واستفدنا من كلام ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ: أن الهلع شدة الحرص الذي يترتب عليه الجزع والمنع، وهذا من الصفات الذميمة.

 فهذا حال الإنسان إلا من نجاه الله من هذه الصفة، كما استثنى الله سبحانه بعد ذلك، فقال: ﴿ إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) [المعارج: 22-24]. الآيات.

فنستفيد التحذير: من هاتين الصفتين: الجزع عند نزول الضر، والبخل مع وجود الخير، وكما جاء في الحديث: عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الله حَرَّمَ عَلَيْكُمْ: عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ البَنَاتِ، وَمَنَعَ، وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ: قِيلَ، وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ المَالِ» رواه البخاري (2408ومسلم (1715).

«وَمَنَعَ، وهات» قال الصنعاني في «سبل السلام»(2/630): الْمُرَادُ مَنْعُ مَا أَمَرَ اللَّهُ أَلَّا يُمْنَعَ، وَهَاتِ فِعْلُ أَمْرٍ مَجْزُومٌ، وَالْمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ طَلَبِ مَا لَا يَسْتَحِقُّ طَلَبَهُ.