(المَرتَبَةُ الثَّانِيَةُ) أي: من مراتب الدين.
(الإِيمَان: وَهُوَ بِضعٌ وَسَبعُونَ شُعبَةً: فَأَعلَاهَا قَولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِن الإِيمَان) روى البخاري (9) واللفظ له، ومسلم (35) عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «الإِيمَان بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً؛ فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ».
الإيمان لغة: التصديق.
واصطلاحًا: نطق باللسان، واعتقاد بالجنان، وعمل بالجوارح والأركان، ويزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.
(بِضعٌ) البِضْع مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى التّسْع. وَقِيلَ: مَا بَيْنَ الْوَاحِدِ إِلَى الْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّهُ قِطْعَةٌ مِنَ العَدد.
(شُعبَةً) أَيْ: قِطْعَةٌ، وَالْمُرَادُ الْخُصْلَةُ أَوِ الْجُزْءُ.
ولا يدل الحديث على حصر الإيمان في هذه الشعب.
(فَأَعلَاهَا) أي: أفضلها، فأعلى الأعمال الصالحة كلمة التوحيد (لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ)، كلمة لا يثقل معها شيء كما في حديث البطاقة.
(وَأَدنَاهَا) أي: أدنى شعب الإيمان، أدنى أي: أقل.
(إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ) هذا يدل على فضل إماطة الأذى عن الطريق، وأنه من الإيمان، وهو من الصدقات، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ» رواه البخاري (2989)، ومسلم (1009).
(وَالحَيَاءُ شُعبَةٌ مِن الإِيمَان) حقيقة الحياء: خلق يبعث على فعل الجميل وترك القبيح.
(وَأَركَانُهُ سِتَّةٌ: أَن تُؤمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَاليَومِ الآخِرِ، وَتُؤمِنُ بِالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ)
(وَأَركَانُهُ) أركان الإيمان ستة.
(أَن تُؤمِنَ بِاللهِ) الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور: الإيمان بوجود الله، وبربوبيته، وألوهيته، وأسمائه وصفاته.
(وَمَلَائِكَتِهِ) الملائكة: عالَم غيبي خلقوا من نور، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
والإيمان بالملائكة يتضمن أربعة أمور:
-الإيمان بوجودهم.
-الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه، ومن لم نعلم اسمه نؤمن بهم إجمالًا.
-الإيمان بما علمنا من صفاتهم.
-الإيمان بما علمنا من أعمالهم التي يقومون بها بأمر الله. كما في«شرح ثلاثة الأصول»(88) للشيخ ابن عثيمين .
(وَكُتُبِهِ) وهي الكتب التي أنزلها الله على رسله، والإيمان بالكتب يتضمن بأربعة أمور:
-الإيمان بأن نزولها من عند الله حقًّا.
-الإيمان بما علمنا اسمه منها باسمه، وأما ما لم نعلم اسمه فنؤمن به إجمالًا.
-تصديق ما صح من أخبارها، كأخبار القرآن، وأخبار ما لم يبدل أو يحرف من الكتب السابقة.
-العمل بأحكام ما لم ينسخ منها، والرضا والتسليم به، سواء فهمنا حكمته أم لم نفهمها. كما في«شرح ثلاثة الأصول»(92) للشيخ ابن عثيمين .
(وَرُسُلِهِ) الرسول لغة: من بُعث برسالة.
واصطلاحًا: من بعثه الله بشريعة يدعو الناس إليها، سواء كانت جديدة-أي: مستقلة-أو متقدِّمة.
(وَاليَومِ الآخِرِ) هو يوم القيامة، سمي بذلك لأنه لا يوم بعده.
ويدخل في الإيمان باليوم الآخر ما يكون فيه من الأشياء والأهوال والعظائم، وما يكون في القبر من سؤال الملكين، ونعيم القبر وعذابه، فإن القبر أول منازل الآخرة.
(وَتُؤمِنُ بِالقَدَرِ خَيرِهِ وَشَرِّهِ) والقدر: هو تقدير الله الكائنات إلى قيام الساعة.
وله أربع مراتب جُمعت في بيت:
علم كتابة مولانا مشيئته |
♣ |
وخلق وهو إيجاد وتكوين |
(وَالدَّلِيل عَلَى هَذِهِ الأَركَانِ السِّتَّةِ: قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مِن آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ﴾[البقرة: 177]. وَدَلِيلُ القَدَرِ: قَولُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) ﴾[القمر: 49]. )
(الْبِرَّ) البر: اسم جامع لكل خير.
﴿ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) ﴾[القمر: 49])، ولا شبهة في هذه الآية للمعتزلة في القول بخلق القرآن، هم قالوا: «كل» لفظ من ألفاظ العموم، واستدلوا بها على أن القرآن مخلوق، وهذا ليس بصحيح. ففي قوله تَعَالَى: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ [الأعراف: 54]، فالقرآن داخل في الأمر.
ودليل أيضًا هذه الأركان حديث جبريل.