عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُ دُعَاءَكَ اللَّيْلَةَ، فَكَانَ الَّذِي وَصَلَ إِلَيَّ مِنْهُ أَنَّكَ تَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَوَسِّعْ لِي فِي دَارِي، وَبَارِكْ لِي فِيمَا رَزَقْتَنِي».
قَالَ: «فَهَلْ تَرَاهُنَّ تَرَكْنَ شَيْئًا» رواه الترمذي (3500).
هذه الكلمات جمعتِ الخير كله؛ لأنها اشتملت على طلب:
-مغفرة الذنوب، ومن غُفرت ذنوبه فقد فاز وأفلح.
-والدعاء بسعة الدار « وَوَسِّعْ لِي فِي دَارِي» أي: دار الدنيا والآخرة.
قال المُناوي في «فيض القدير»(1/209): مَحل سكني فِي الدُّنْيَا؛ لِأَن ضيق مرافق الدَّار يضيق الصَّدْر، ويجلب الْهم، ويشغل البال، ويغم الرُّوح، أَو المُرَاد الْقَبْر؛ فَإِنَّهُ الدَّار الْحَقِيقِيَّة.
وحملُهُ على الأمرين أولى؛ لعموم اللفظ. قال الصنعاني في « التنوير شرح الجامع الصغير»(3/102): الدار تعم دار الدنيا والآخرة والبرزخ. اهـ.
وهذا يفيد: أن توسعة الدار سعادة، أما الآخرة فلا شك جعلنا الله من أهلها، وأما الدنيا فالسكن الواسع؛ يشرح الصدر، يريح البال، يستطيع أن ينفرد وقت عبادته، فيصلي بخشوع وتركيز، وعند الحفظ والبحث والمطالعة، وطلب العلم، والدروس تحتاج إلى هدوء ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ﴾ [الأحزاب: 4].
-والبركة في الرزق، ولا يبارك الله في الرزق إلا إذا كان حلالًا، فتضمن هذا الدعاء طلب الرزق الحلال الطيب، والرزق عام غير منحصِر في المال.