الهمَّة في طلب العلم
قال والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله:
أنا أنصحُكم أن تُقبلوا إقبالًا كليًّا على طلب العلمِ النافع، وأن تُحيُوا سنَّةَ المحدثين رَحِمَهُم الله تَعَالَى على تحصيل العلم النافع، أمرٌ مُهم، وربُّ العزة يقول في كتابه الكريم: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}، والنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يقول: «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ».
وعلماؤنا المتقدِّمون الذين ذاقُوا حَلَاوةَ العلمِ وعرفوا مقدارَ العلم كان أحدُهُم يرحلُ من مسافةٍ بعيدةٍ من أجلِ حديثٍ واحدٍ، كما في كتاب «الرحلة» للخطيب.
فذلكم جابر بن عبد الله رَحِمَهُ الله تعالى ورضى عنه عند أن ... عند عبدِ الله بن أُنيس اشترى راحلةً وعبد الله بن أُنيس بالشام فركبَها من المدينة حتى وصلَ إلى الشام ودقَّ البابَ عليه ونزلَ إليه. فقال: حديثٌ بلغني أنكَ سمعتَه مِن رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فحدِّثني به. قال عبد الله: نعم، سمعتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يقول: «إنَّ اللهَ يحشرُ العبادَ حُفَاةً عُرَاةً بُهْمًا. قيل: وما بُهْمًا؟ قالَ: ليسَ معهم شيءٌ، ثم قالَ: فيُنَاديهم بصوتٍ يَسْمَعُهُ من بَعُدَ كما يسمعه من قَرُبَ فيقول: لَا ينبغِي لأحدٍ من أهلِ الجنة أن يدخلَ الجنَّةَ وأحدٌ مِنْ أهلِ النَّارِ يطالبُه بشيء، ولا ينبغِي لأحَدٍ من أهلِ النَّار أن يدخلَ النَّارَ وأحدٌ مِنْ أهلِ الجنَّةِ يطالبُه بشيءٍ. قيلَ: كيفَ ذاكَ وليس معهم شيءٌ قال: إنَّما هي الحسَناتُ والسَّيئَاتُ».
وإياكم إياكم أن تشتغلوا بالقيلِ والقال.
وأن تشتغلوا بالحزبيات وبالجمعيات.
وأن تشتغلوا حتى بالكلامِ في المبتدِعة.
أبغيكم قبلَ هذا تطلبونَ العلم وتجدُّون وتجتهدون في تحصيل العلم، وتطلبون العلمَ من أهلِه، ما تطلبون العلمَ من المبتدعة، فإن المبتدعَ رُبَّما يركبُ سيارتَه من أقصى الأرض ويأتي إليكَ بمحاضرةٍ، وهو لا يريدُ إلا أن يُقنِعَك بفكرتِه، حتى ولو لم يذْكرها في المحاضرة، فله إخوانٌ يأتون بها في الأسئلة والأجوبة.
[المرجع: تفريغ من ش/ بعض أحكام الصيام لوالدي رَحِمَهُ الله ]