النَّوعُ العَاشِرُ: المُنقَطِعُ
المنقطع على المشهور: ما سقط من سنده راوٍ فأكثر ليس على التوالي.
تعريف المنقطع عند بعضهم: أن يَسقُطَ مِن الإِسنَادِ رَجُلٌ، أَو يُذكَرَ فِيهِ رَجُلٌ مُبهَمٌ، فأدخل المبهم في المنقطع، والصحيح أن المبهم من قسم المتصل؛ لعدم وجود السقط.
قول آخر في تعريف المنقطع أنه: (كُلُّ مَا لَا يَتَّصِلُ إِسنَادُهُ)، فيدخل فيه جميع أنواع السقط: المرسل، المنقطع، المعضل، المعلق، المدلَّس. وهذا قول البيقوني رَحِمَهُ اللهُ في «البيقونية» فقد قال:
وَكُلُّ مَا لَمْ يَتَّصِلْ بحال |
___ |
إسْنَادُهُ مُنْقَطِعُ الأوْصالِ |
هذا القول قال عنه ابن الصلاح: (وَهَذَا أَقرَبُ)، وهذا ليس بصحيح، فالسقط في الإسناد على أنواع متعددة، كل نوع لديه تسمية خاصة.
فإذا كان السقط من جهة المصنف فهذا معلَّقٌ.
وإن كان في أثناء الإسناد، فإن سقط من سنده راوٍ فأكثر ليس على التوالي فهو المنقطع.
وإن سقط من سنده راويان فأكثر على التوالي فهو المعضل.
وإن كان السقط من جهة الصحابي فهو المرسل، والمرسل: قول التابعي: قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قول آخر في تعريف المنقطع: أَنَّ المُنقَطِعَ مَا رُوِيَ عَن التَّابِعِيِّ فَمَن دُونَهُ مَوقُوفًا عَلَيهِ مِن قَولِهِ أَو فِعلِهِ. هذا تعقبه ابن كثير وقال: وَهَذَا بَعِيدٌ غَرِيبٌ.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
النَّوْعُ الْحَادِي عَشَرَ: الْمُعْضَلُ
تعريفه: ما سقط من سنده اثنان فأكثر على التوالي.
والمعضل من قسم الضعيف، وكذلك المنقطع من قسم الضعيف، والمعضل أسوَأُ حالًا من المنقطع، يعني: أشد ضعفًا.
-الإسناد المعنعَن: وهو أن يذكره الراوي عن شيخه بلفظ العنعنة، يقول: «عن فلان»، فبعضهم أطلق على هذا الإسناد اسم الإرسال أو الانقطاع.
والذي عليه جمهور المحدثين أن ما رواه الراوي بلفظ العنعنة، فهو محمول على السماع بشرطين: المعاصرة، والبراءة من وصمة التدليس –الوصمة: العيب-، فعنعنة غير المدلس تحمل على السماع بهذين الشرطين، أما إذا عنعن المدلس فتُرد عنعنته.
وهناك بعض الاستثناءات، مثلًا: أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس، مدلس فلا يُقبل حديثُه إلا إذا صرَّح بالتحديث، أو كان في «صحيح مسلم»، أو كان الراوي عنه الليث بن سعد فيُحَسَّنُ حديثُهُ، وهذا الذي كنت أسمعه من والدي رَحِمَهُ الله في دروسه.
وما رواه الصحابي عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأي لفظ يرويه يقبل سواء قال بلفظ «عن، أو قال، أو سمعت.. الخ»، ولا يضر رواية الصحابي بلفظ محتمل للسماع وعدمه؛ لأنه وإن أرسل عن غيره من الصحابة فلا يضر؛ لأن الصحابة كلهم عدول.
مسألة: ما رواه الراوي عن شيخه بلفظ «قال» فيه خلاف أيضًا، وعند الجمهور أن ما رواه الراوي عن شيخه بلفظ «قال» وبلفظ العنعنة سواء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زيادة الثقة
المخالفة النادرة لا تقدح في عدالته، وإنما يقدح في عدالته إذا كثرت المخالفة، أما نادرًا فلا، كما قال ابن معين: من ذا الذي يسلم من الوهم؟
فإذا اختلف الرواة بعضهم يرويه موصولًا، وبعضهم يرويه مرسلًا فيه أقوال:
منهم من رجح بالكثرة والحفظ، فإن كان الأكثر أو الأحفظ رووه مسندًا، فالحكم لمن أسنده، وإن كان الأكثر عددًا أو الأحفظ رووه مرسلًا، فالحكم لمن أرسله.
ومنهم من قال: الحكم للزيادة، وعزي إلى الإمام البخاري رَحِمَهُ اللهُ أنه قال: زيادة الثقة مقبولة. ولكنه يعني حديثًا واحدًا لا على الإطلاق، وعلى الإطلاق يلغِي قولهم في الحديث الصحيح: ولا يكون شاذًّا ولا معلًّا، فيصير لا يحتاج إلى هذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ.
نحن الذي استفدناه من والدي رَحِمَهُ اللهُ في هذه المسألة، أن المحدثين ليس لهم قاعدة مطردة في زيادة الثقة، ولكن بحسب القرائن؛ لأن هذا فنُّهم، لكن نحن نمشي على قاعدة:
§ إن روى هذه الزيادة من هو أوثق فالزيادة صحيحة.
§ وإن روى هذه الزيادة من هو أدنى فيحكم على الزيادة بالشذوذ.
فمثلًا: إذا كان الراوي ثقة وخالف من هو أوثق منه فهذه الزيادة شاذة، وإن خالف الضعيف من هو أوثق منه فهذه الزيادة منكرة؛ لأن المنكر: مخالفة الضعيف لمن هو أولى منه.
§ وإن خالف من هو مماثل له فيحمل أنه جاء على الوجهين، ولا تُعِلُّ إحدى الطريقين الأخرى؛ لأن هذا ثقة وهذا ثقة، فيحمل الحديث على الوجهين.