جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 17 ديسمبر 2022

(39)أَوصَافُ طالبِ العلمِ الشرعِي

                    صبر الطالب على جفاء شيخه إن وُجِدَ

 

الشيخ: اذكر ما تعرفه عن صبر العلماء على جَفَاءِ شُيوخِهِم؟

الطالب: الذي أعرفه أن الإمام النسائي كان يصبر على قسْوةٍ من شيخِه الحارث بن مسكين.

الشيخ: ماذا، تذكره من أجل أن يُستفادَ منه؟

[صبر النسائي على جفاء شيخه الحارث بن مسكين]

 الطالب: أنه كان يطرد النسائي من حلقته، فكان يتحمَّلُ، ولا يغضب ولا ينصرف.

الشيخ: والنسائي يذهب خلف ساريةٍ، بحيث يسمع الحارث ولا يراه الحارث.

[الرجل الذي كان يستثقله الأعمش في مجلسه فكان يحدث ويبزق عليه]

الطالب: كذلكَ كَانَ الْأَعْمَشُ لَا يَدَعُ أَحَدًا يَقْعُدُ بِجَنْبِهِ. فَإِنْ قَعَدَ إِنْسَانٌ، قَطَعَ الْحَدِيثَ وَقَامَ. وَكَانَ مَعَنَا رَجُلٌ، يَسْتَثْقُلُهُ. قَالَ: فَجَاءَ، فَجَلَسَ بِجَنْبِهِ، وَظَنَّ أَنَّ الْأَعْمَشَ لَا يَعْلَمُ. وَفَطِنَ الْأَعْمَشُ، فَجَعَلُ يَتَنَخَّمُ، وَيَبْزُقَ عَلَيْهِ، وَالرَّجُلُ سَاكِتٌ، مَخَافَةَ أَنْ يَقْطَعَ الْحَدِيثَ ([1]).

الشيخ يوضِّح ويضيف آيتَين: يعني: يُرِيْهِ الأعمش أنَّه ما شعر بأنه عنده فيبزق، وذاكَ يمسحها ويصبرُ عليها ([2]).

أيضًا صبر موسى على الخضر، ﴿ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69)[الكهف].

وأيضًا في قوله: ﴿لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73)[الكهف]. 

[مراجعة تدريب الراوي ش/ الحادي عشر لوالدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله تَعَالَى]

 

والشاعر يقول:

اصبِر عَلى مُرِّ الجَفا مِن مُعَلِّمٍ ... ... ... فَإِنَّ رُسوبَ العِلمِ في نَفَراتِه

وَمَن لَم يَذُق مُرَّ التَعَلُّمِ ساعَةً ... ... ... تَذَرَّعَ ذُلَّ الجَهلِ طولَ حَياتِه



 



([1]) رواه الخطيب رَحِمَهُ اللهُ في «شرف أصحاب الحديث» (314). والأثر حسن.

([2]) وقد كان الأعمش رَحِمَهُ الله  في خُلُقِه شيء، أي: من الغلظة، قال الخطيب في «شرف أصحاب الحديث»(131): كَانَ الْأَعْمَشُ سَيِّءَ الْخُلُقِ، جَافِيَ الطَّبْعِ، بَخِيلًا بِالْحَدِيثِ، عَسِيرًا فِي الرِّوَايَةِ.