جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 1 أكتوبر 2022

(5) اختصار درس الشرح الحثيث

بسم الله الرحمن الرحيم

المعلق

تعريفه: هو أن يحذف المؤلف شيخه فأكثر.

أقسامه: معلق بصيغة الجزم، وبصيغة التمريض.

صيغة الجزم: يكون الفعل فيها مبنيًّا للمعلوم، مثل: «قال فلان، ورَوَى، وذَكَر».

صيغة التمريض: يكون الفعل فيها مبنيًّا للمجهول، نحو: «ذُكِرَ، ورُوِيَ».

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المعلقات في «الصحيحين»

المعلقات في «صحيح البخاري»

قسمها الحافظ ابن كثير إلى قسمين: ما علقه البخاري بصيغة الجزم فصحيح إلى من علقه عنه، ثم النظر في حال المحذوف.

أما ما كان بصيغة التمريض، فهذا لا يستفاد منه صحة ولا تضعيفًا؛ لأن البخاري قد علق بصيغة التمريض والحديث صحيح، وقد يكون رواه مسلم، وبعضها وصلها البخاري في «صحيحه»، وقد ذكرها بصيغة التمريض لكن التي وصلها قليلة جدًّا.

وقسم الحافظ ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ المعلقات بصيغة الجزم على قسمين: ما يلتحق بشرطه، وما لا يلتحق بشرطه، فأما ما لا يلتحق فقد يكون صَحِيحًا على شَرط غَيره، وَقد يكون حسنًا صَالحًا للحجة، وَقد يكون ضَعِيفًا لَا من جِهَة قدح فِي رِجَاله بل من جِهَة انْقِطَاع يسير فِي إِسْنَاده. كما في مقدمة «فتح الباري»

وأما ما جاء بصيغة التمريض، فقال الحافظ رَحِمَهُ اللهُ في «النكت على ابن الصلاح»(1/326): المعلق بصيغة التمريض مما لم يورده في موضع آخر فلا يوجد فيه ما يلتحق بشرطه إلا مواضع يسيرة، قد أوردها بهذه الصيغة؛ لكونه ذكرها بالمعنى كما نبه عليه شيخنا-أي: العراقي-رضي الله عنه.

نعم، فيه ما هو صحيح وإن تقاعد عن شرطه، إما لكونه لم يخرج لرجاله، أو لوجود علة فيه عنده، ومنه: ما هو حسن، ومنه: ما هو ضعيف وهو على قسمين:

أحدهما: ما ينجبر بأمر آخر. وثانيهما: ما لا يرتقي عن رتبة الضعيف، وحيث يكون بهذه المثابة، فإنه يبين ضعفه ويصرح به حيث يورده في كتابه. اهـ.

وهنا يقول الوالد في «السير الحثيث»(57): والضعيف فيما جاء بصيغة التمريض أكثر.

المعلقات في «صحيح البخاري» ليس لها حكم «صحيح البخاري»، والدليل على هذا، أن البخاري سمى كتابه بِـ«الجَامِعِ المُسْنَدِ الصَّحِيحِ المُخْتَصَرِ فِي أُمُورِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَنِهِ وَأيَّامِهِ»)

ومن الأدلة أن الذين تكلموا على أحاديث «صحيح البخاري» من فحول المحدثين لم يتعرضوا للمعلقات بالانتقاد.

أما المعلقات في «صحيح مسلم» فقليلة جدًّا، وقد أفردها علي حسن الحلبي في رسالة «تغليق التعليق»، ولكن بعضهم يعد في المعلقات المبهم الذي لم يصرح باسمه الإمام مسلم، وهذا لا يدخل في المعلقات.

 

هل المعلقات التي ليست في البخاري من قسم الصحيح أو من قسم الضعيف؟

من قِسْم الضعيف، قال الحافظ ابن حجر رَحِمَهُ الله في « نزهة النظر»(97): وإنما ذُكِرَ التعليق في قِسْمِ المردود؛ للجهل بحالِ المحذوف.

وهكذا في «مراجعة تدريب الراوي» لوالدي رَحِمَهُ الله، يقول: المعلقات: من قسم الضعيف؛ للحذف.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إذا قال الإمام البخاري: «قال لنا» و نحو ذلك هل هذا من المعلقات أو من المتصلة؟

عند أكثر أهل العلم أن هذا متصل، وقال بعضهم: هو متصل ولكن يكون مما سمعه عرضًا ومناولة.

وقال بعض المغاربة: إنه معلق، وأنه يذكر للاستشهاد، وأنه سمعه في المذاكرة.

قال الحافظ ابن حجر عن عبارة «وقال لنا» بعد أن ذكر بعض الخلاف، قال في «فتح الباري»(2/188): وَالَّذِي ظَهَرَ لِي بِالِاسْتِقْرَاءِ خِلَافُ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ، لَكِنَّهُ لَا يُعَبِّرُ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ إِلَّا إِذَا كَانَ الْمَتْنُ مَوْقُوفًا أَوْ كَانَ فِيهِ رَاوٍ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إذا قال البخاري رَحِمَهُ اللهُ: «قال فلان» ويعني: شيخًا من شيوخه، فهل هذا معلق أم لا؟

 فيه خلاف بين المحدثين، الإمام البخاري قد يستعمل هذه العبارة فيما لم يسمعه من شيوخه في بعض الأحاديث، فهذا دليل على وجود احتمال أنه متصلٌ وأنه معلق، كما ذكر هذا الحافظ ابن حجر في مقدمة «فتح الباري»(17).

ولكن ليس معنى هذا أن الإمام البخاري مدلس؛ فقد قال الحافظ ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ: وَلَا يلْزم من ذَلِك أَن يكون مدلسًا عَنْهُم.

وابن القيم رَحِمَهُ اللهُ في «إغاثة اللهفان»(260) يقول: فالبخاري أبعد خلق الله من التدليس. اهـ.

لهذا انتقد أهل العلم ابن مندة حيث وصف الإمام البخاري بأنه مدلس.

وهذه الصيغة «قال» هي نظير «عن، وأن»، إذا قال الطالب عن شيخه: «قال فلان، أو عن فلان، أو أن» تحمل على الاتصال مع البراءة من وصمة التدليس، يعني: إذا لم يكن مدلسًا، ولكن عرفنا أن الإمام البخاري رَحِمَهُ الله قد يقول: «قال» عن شيخه وهو قد سمعه منه بواسطة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 قاعدة: الأُمَّةُ تَلَقَّتْ «الصحيحين» بِالقَبُولِ، سِوَى أَحْرُفٍ يَسِيرَةٍ، انْتَقَدَهَا بَعْضُ الحُفَّاظِ، كَالدَّارَقُطْنِيِّ وَغَيْرِهِ. كما قال ابن الصلاح.

قال الوالد رَحِمَهُ اللهُ في «السير الحثيث» (60): وقوله: (كَالدَّارَقُطْنِيِّ) وأبي علي الجياني، وأبو مسعود الدمشقي له رد على الدارقطني وبيان لبعض الأحاديث. اهـ.

يعني: بعض الأحاديث لم يوافق أبو مسعود الدمشقي شيخه الدارقطني على الانتقاد.

 

أحاديث «الصحيحين» التي انتقدها الدار قطني في « التتبع».

 

انتقد الدارقطني في هذا الكتاب مائتي حديث، لكن ليس كل حديث انتقده تم فيه الانتقاد.

 

قال والدي رَحِمَهُ اللهُ في آخر «التتبع»(382)(ط/دار الكتب العلمية، بيروت): أما كتاب«التتبع» فإن الحافظ الدارقطني رَحِمَهُ الله انتقد من أحاديث «الصحيحين» مائتَي حديث، ممَّا يرى أن له علةً.

وقد بلغت أحاديثه بالعدد ثمانية عشر حديثًا ومائتين، منها عشرة مكررة تقدم التنبيه عليها في مواضعِها من«التتبع»، وسبعة ذكرها لإلزام من لم يخرجْها من الشيخين، والحديث الأخير ليس في «الصحيحين».

ثم قال رَحِمَهُ الله: هذا، ومما ينبغي أنْ يُعلم أن غالبَ هذه الاستدراكات في الصناعة الحديثية، لا في المتون.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هل أحاديث «الصحيحين» تفيد القطع؟

أحاديث «الصحيحين» تفيد القطع وهو اليقين، وهو أن النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قالها؛ لأن الأمة تلقت أحاديث «الصحيحين» بالقبول، وهذا ذهب إليه ابن الصلاح أن أحاديث «الصحيحين» تفيد القطع؛ لأن الأمة معصومة عن الخطأ، وهي قد تلقت هذين الكتابين بالقبول. وهذا أيضًا ترجيح الحافظ ابن كثير رَحِمَهُ اللهُ.

 

والمراد الأحاديث التي لم ينتقدها أهل العلم؛ لأن الأحاديث التي انتُقدت حصل فيها خلاف بين أهل العلم، فلم يحصل تلقي الأمة لها بالقبول.

أما حديث الثقة الذي هو خارج «الصحيحين» إذا تلقته الأمة بالقبول فهذا أيضًا يفيد القطع، عزاه شيخ الإسلام إلى أهل الحديث قاطبة والسلف عامة.

وكذلك المتواتر هذا يفيد العلم بلا خلاف.

 وأما حديث الواحد إذا لم يُتلقَ بالقبول، ففيه قولان، أحدهما: أنه يفيد القطع، والثاني: أنه يفيد الظن.

كان والدي رَحِمَهُ اللهُ يقول في هذه المسألة: سواء أفادنا علمًا أو ظنًّا يجب علينا قبوله.

لأن هناك من أهل الأهواء والمعتزلة ومن كان على شاكلتهم يردون خبر الواحد، ويقولون: هذا دليل ظني، ويردونها.

ورد أحاديث الآحاد فيه رد لأكثر السنة؛ لأن الأحاديث المتواترة معدودة الأصابع، ورسل الله آحاد، ورسل رسل الله آحاد، وأحاديث كثيرة تعتبر آحادًا.