عن عبدالله بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ».
قابن مسعودٍ: وَقُلْتُ أَنَا: «مَنْ مَاتَ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الجَنَّةَ».
رواه البخاري (1238)، ومسلم (92).
هذا الحديث: فيه خطر الشرك بالله عَزَّ وَجَل.
وفيه إثبات قياس العكس، فالحديث: «مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ»، وعكسه: أن من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة.
القياس نوعان: قياس طرد، وقياس عكس.
قياس طرد: ما اقتضى إثبات الحكم في الفرع.
(إثْبَاتَ الْحُكْمِ) كالوجوب والتحريم والاستحباب.
(فِي الْفَرْعِ) والفرع المقيس على الأصل.
(لِثُبُوتِ عِلَّةِ الْأَصْلِ فِيهِ) الأصل المقيس عليه.
وهذا من المسائل الأصولية، فقياس الطرد معناه أنه مطرد في كل مكان وزمان، ومن أمثلته: هلاك الأمم المتقدمة بسبب عنادهم وردهم للحق، هذا مطرد في كل من كذَّب وعاند ممن يأتي في المستقبل، أهلك الله قوم نوح، وعاد قوم هود، وثمود بسبب عنادهم وجدالهم بالباطل، وهذا مطرد، وهذا الهلاك والعقوبة في حق كل من كذب وعاند، فهذا قياس الطرد.
أما قياس العكس: فهو ما اقتضى نفي الحكم عن الفرع لنفي علة الحكم فيه.
ومن أمثلته أيضًا:
عن أبي ذرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قال: «وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَالَ: «أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ» رواه مسلم (1006)، هذا الحديث أيضًا فيه قياس عكس، فهو يفيد أن الشهوة في حرام فيه وزر، وعكس ذلك: أن الشهوة إذا كانت في حلال ففيها أجر.
وانظري «شرح الأربعين النووية» للشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ اللهُ شرح هذا الحديث.