جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 1 سبتمبر 2022

(2) اختصار درس الشرح الحثيث

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

أول من جمع الصحيح

البخاري، وتلاه تلميذه مسلم.

هل الإمام مسلم روى عن الإمام البخاري في «صحيحه»؟

لم يروِ عنه شيئًا في «صحيحه»، كما ذكر هذا الذهبي رَحِمَهُ الله في «سير أعلام النبلاء»(12/397). وكذا ابن كثير في «البداية والنهاية»(11/25).

 والسبب في هذا: من أجل الإنصاف. يعني: بسبب ما حصل بين البخاري وشيخه محمد بن يحيى الذهلي من الفتنة في مسألة اللفظ بالقرآن، والذهلي والبخاري كلاهما من شيوخ الإمام مسلم، وكان الإمام مسلم قد ترك الرواية عن الذهلي؛ بسبب تلك الفتنة، ثم ترك أيضًا الرواية عن الإمام البخاري في «صحيحه»؛ من أجل الإنصاف؛ حتى لا يروي عن هذا ويترك هذا. 

أصح كتب الحديث: البخاري، ومسلم، وهذا بالاتفاق. نقل هذا الاتفاق النووي رَحِمَهُ الله في مقدمة «شرح صحيح مسلم»(1/14).

ولا يجوز لأحد أن يتعدَّى على أحاديث «الصحيحين»؛ فـ«الصحيحان» قد تلقتهما الأمة بالقبول، سوى أحرف يسيرة انتقدها بعض الحفاظ كالدار قطني وغيره.

ـــــــــــــــــــــــــــ

أيهما أصح «صحيح البخاري» أو «صحيح مسلم»؟

«صحيح البخاري» أصح، وهذا قول الجمهور؛ لأسباب، منها:

·     أن «صحيح البخاري» أرجح في الصحة، لأن شرط البخاري أقوى من حيث الاتصال؛ لأنه يشترط: (أَن يَكُونَ الرَّاوِي قَد عَاصَرَ شَيخَهُ، وَثَبَتَ عِندَهُ سَمَاعُهُ مِنهُ) ولو حديثًا واحدًا، فحينئذ يحمل سائر مروياته على الاتصال، مع البراءة من وصمة التدليس.

وقيد السماع ليس بلازم، فبمجرد اللقاء أيضًا للشيخ يكون على شرط البخاري.

فإذن شرط البخاري في «صحيحه»: أن يكون الراوي قد عاصر شيخه وثبت لقاؤه به ولو مرة واحدة، ولا يشترط السماع، وقد صرح بذلك ابن رجب، وذكر الحافظ ابن حجر ثبوت اللقاء دون السماع.

أما شرط الإمام مسلم فهو: أن يكون الراوي قد عاصر شيخه مع إمكان اللقاء. كأن يكونا من أهل بلد واحد، أو من بلدين متقاربين، أو يدخل التلميذُ بلد الشيخ، أو حجَّا في عام واحد.

·     أن الغالب فيما انتُقد على البخاري يكون الصواب معه، والغالب في الذي انتقد على مسلم أن الصواب مع المنتقد.

·     أيضًا أن الذين انتُقدوا على رجال البخاري أقل من الذين انتقدوا على مسلم.

·     أن الذين تكلِّم فيهم أكثرهم من مشايخ البخاري، بخلاف مسلم أكثر ما انتقد عليه ليسوا من مشايخه.

قال الحافظ في «النكت»(1/288): ولا شك أن المرء أشد معرفة بحديث شيوخه، وبصحيح حديثهم من ضعيفه ممن تقدم عن عصرهم.

من أين عُلِمَ شرط البخاري ومسلم؟

 استفدنا من والدي رَحِمَهُ اللهُ أن هذا عُلِم بالاستقراء، وهو التتبع. أي: عُلِمَ بالقراءة والبحث والمطالعة.

ـــــــــــــــــــــــــــ

مسألة: جاء عن أبي علي النيسابوري: «مَا تَحْتَ أَدِيمِ السَّمَاءِ أَصَحُّ مِنْ كِتَابِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ»، وجاء أيضًا عن طائفة من أهل المغرب تفضيل «صحيح مسلم» على البخاري، واختلفوا في المراد بذلك:

فمنهم من قال: هذا لا يعني أنه أصح ولكنه مساوٍ له.   

ومنهم من قال: هذا فيه تفضيل لـ«صحيح مسلم»، وأخذ بظاهر لفظة «أصح»؛ فهي أفعل تفضيل تدل على المشاركة وزيادة.

ومنهم من قال: لم يطَّلع أبو علي على «صحيح البخاري»، لكن هذا استبعده ابن حجر.

وقد أُجيب عن الذين فضَّلوا «صحيح مسلم» على «صحيح البخاري» أن هذا من حيث حسن السياقة والترتيب، فمثلًا:

- الإمام مسلم يذكر المجمل ثم المبين، والمشتبه ثم الموضح، والمنسوخ ثم الناسخ...

- الإمام مسلم ما يقطِّع الأحاديث  بل يسردها ولا يقطعها، بخلاف البخاري فإنه يقطِّع الأحاديث؛ من أجل المسائل الفقهية ومن أجل الاستنباطات.

ـــــــــــــــــــــــــــ

هل التزم البخاري ومسلم أن يخرجا كل حديث صحيح في كتابيهما؟

لم يلتزما ذلك، والدليل:

-أنهما قد صححا أحاديث ليست في كتابيهما.

- أنهما لم يخرجا كل حديث صحيح: أن البخاري رَحِمَهُ اللهُ يقول: (أحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيحمع أنه ما ذكر في «صحيحه» بغير المكرر إلا ألفين وستمائة وحديثين.

- الإمام البخاري رَحِمَهُ اللهُ يقول: (ذكرت الصحيح المسند وتركت؛ خشية الطولوالإمام مسلم رَحِمَهُ اللهُ يقول: (ما كل صحيح ذكرته في كتابي هذا، إنما ذكرت ما أجمعوا عليه).

- أن الحاكم استدرك عليهما أحاديث في «المستدرك»، ومنها ما هو صحيح.

ـــــــــــــــــــــــــــ

عدد أحاديث البخاري عند ابن الصلاح : بِالمُكرَّرِ: سَبعَةُ آلَافِ حَدِيثٍ وَمَائَتَانِ وَخَمسَةٌ وَسَبعُونُ حَدِيثًا، وَبِغَيْرِ المُكَرَّرِ: أَربَعَةُ آلَافٍ.

وقوله: وَبِغَيْرِ المُكَرَّرِ: أَربَعَةُ آلَافٍ، هذا  انتقده الحافظ ابن حجر وذكر أنه بغير المكرر ألفا حَدِيث وسِتمِائَة وحديثان.

وعدد أحاديث مسلم: بالمكرر، قال أحمد بن سلمة: كتبت مع مسلم في تأليفه خمسة عشر سنة وهو اثنا عشر ألف حديث. وبغير بالمكرر كما قال ابن الصلاح: نحو أَربَعَة آلَافِ حَدِيثٍ.

ـــــــــــــــــــــــــــ