جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 9 أغسطس 2022

(68)سنينٌ من حياتي مع والديْ وشيخي مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله

                                    أكله رَحِمَهُ الله  الزُّبد مع التمر

 

كان والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله يأكل الزبد مع التمر؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعله ويحبه.

وإليكم الدليل:

عَنْ ابْنَيْ بُسْرٍ السُّلَمِيَّيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَا: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «فَقَدَّمْنَا زُبْدًا وَتَمْرًا، وَكَانَ يُحِبُّ الزُّبْدَ وَالتَّمْرَ».

 رواه أبو داود(3837) تحت: بابٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ لَوْنَيْنِ فِي الْأَكْلِ.

وذكره والدي رَحِمَهُ الله في «الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين»(2668).

قال ابن القيم رَحِمَهُ الله في «زاد المعاد»(4/292):  وَفِي جَمْعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ التَّمْرِ وَبَيْنَهُ مِنَ الْحِكْمَةِ إِصْلَاحُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ.

وقد ذكر الحافظ في «فتح الباري»(9/573) فوائد حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالقِثَّاءِ» رواه البخاري(5449)، ومسلم (2043)، وبعضها يشبه فوائد حديث ابني بُسر:

  قَالَ النَّوَوِيُّ: فِي حَدِيثِ الْبَابِ:

 جَوَازُ أَكْلِ الشَّيْئَيْنِ مِنَ الْفَاكِهَةِ وَغَيْرِهَا مَعًا.

 وَجَوَازُ أَكْلِ طَعَامَيْنِ مَعًا.

 وَيُؤْخَذُ مِنْهُ: جَوَازُ التَّوَسُّعِ فِي الْمَطَاعِمِ.

 وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِ ذَلِكَ، وَمَا نُقِلَ عَنِ السَّلَفِ مِنْ خِلَافِ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ؛ مَنْعًا لِاعْتِيَادِ التَّوَسُّعِ وَالتَّرَفُّهِ وَالْإِكْثَارِ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ دِينِيَّةٍ.

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ مُرَاعَاةِ صِفَاتِ الْأَطْعِمَةِ وَطَبَائِعِهَا وَاسْتِعْمَالِهَا عَلَى الْوَجْهِ اللَّائِقِ بِهَا عَلَى قَاعِدَةِ الطِّبِّ؛ لِأَنَّ فِي الرُّطَبِ حَرَارَةً وَفِي الْقِثَّاءِ بُرُودَةً، فَإِذَا أُكِلَا مَعًا اعْتَدَلَا، وَهَذَا أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي الْمُرَكَّبَاتِ مِنَ الْأَدْوِيَةِ.

 وَتَرْجَمَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي «الطِّبِّ»: بَابُ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تُؤْكَلُ مَعَ الرُّطَبِ؛ لِيَذْهَبَ ضَرَرُهُ، فَسَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ.

وسبحان ربي كيف اختصَّ أهل العلم بالحرص على متابعة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى في الأطعمة التي كان يحبُّها، والتي قد يكون حبها له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جبلَّةً.

والزبد: قال الفيُّومي في «المصباح المنير»(250): الزُّبْدُ وِزَانُ قُفْلٍ، مَا يُسْتَخْرَجُ بِالْمَخْضِ مِنْ لَبَنِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ.

 وَأَمَّا لَبَنُ الْإِبِل فَلَا يُسَمَّى مَا يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ زُبْدًا، بَلْ يُقَالُ لَهُ: جُبَابٌ، وَالزُّبْدَةُ أَخَصُّ مِنْ الزُّبْدِ.

وقوله: «وَكَانَ يُحِبُّ الزُّبْدَ وَالتَّمْرَ»: أَيْ وَلِذَا قَدَّمْنَاهُمَا لَهُ، أَوْ وَلِذَا أَكْثَرَ مِنْ أَكْلِهِمَا. كذا في «مرقاة المفاتيح»(7/2725).