جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 31 أغسطس 2022

(57)التَّذْكِيْرُ بِسِيْرَةِ سَيِّدِ البَشَرِ


     مسائل في الكذب على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

من الفواحش العِظام الكذب على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قال الإمام النووي رَحِمَهُ اللهُ في «شرح صحيح مسلم» (1/69) في سياق فوائد حديث «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»: فيه: تَعْظِيمُ تَحْرِيمِ الْكَذِبِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّهُ فَاحِشَةٌ عَظِيمَةٌ وَمُوبِقَةٌ كَبِيرَةٌ.

فالكذب على النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فاحشة عظيمة وموبقة كبيرة.

مسألة: هل يكفر من كذب على النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ؟

أما إذا كان متعمدًا مستجيزًا لذلك، أي: مستحلًّا للكذب عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، فهذا كافر بإجماع العلماء، وقد نقل الإجماع الحافظ ابن كثير رَحِمَهُ اللهُ في «الفصول».

وأما إذا كان متعمدًا غير مستحلٍّ له، فجمهور العلماء على أنه لا يكفر إلا إذا اعتقد حل ذلك. كما في «فتح الباري» تحت رقم (110).

وخالف في هذا الشيخ أبو محمد الجويني، فقال: يكفر، والمعتمَد ما ذكره الجمهور أنه لا يكفر، لكنه مرتكب لكبيرة عظيمة.

مسألة: إذا تاب مِنَ الكَذِبِ على النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ هل تقبل روايته أو ترد؟

قولان لأهل العلم، ذهب أحمد وابن معين والحميدي إلى أنه ترد روايته ولا تقبل، ودليلهم قول النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» رواه البخاري (1291ومسلم (4) عَنِ المُغِيرَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

القول الثاني: قول جمهور العلماء: تقبل روايته؛ لأن غاية ما فيه أنه كفر(وَمَن تَابَ مِنَ الكُفرِ قُبِلَت تَوبَتُهُ وَرِوَايَتُهُ، وهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ)، هذا ترجيح ابن كثير رَحِمَهُ اللهُ.

 وقال والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ اللهُ في «شرح مختصر الحديث» (204): التائب من الكذب على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يتوقف فيه، لا يقبل حديثه؛ لأنه يخشى أنه تظاهر، وهو كاذب في نفسه، حتى لو قال: كذبت في حديث كذا وكذا، يحتمل أن القول الثاني أيضًا كذب، فيتوقف فيه. اهـ.

 

وأما من تاب من الكذب على غير النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فهذا يقبل حديثه بالإجماع.