جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 21 مارس 2022

(42)اختصار دروس شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري

 

عَن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «اجتَمَعَ عِندَ البَيتِ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِيٌّ أَو قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِيٌّ-كَثِيرَةٌ شَحمُ بُطُونِهِم،قَلِيلَةٌ فِقهُ قُلُوبِهِم،فَقَالَ أَحَدُهُم:أَتُرَونَ أَنَّ اللَّهَ يَسمَعُ مَا نَقُولُ؟ قَالَ الآخَرُ:يَسمَعُ إِن جَهَرنَا وَلا يَسمَعُ إِن أَخفَينَا،وَقَالَ الآخَرُ:إِن كَانَ يَسمَعُ إِذَا جَهَرنَا،فَإِنَّهُ يَسمَعُ إِذَا أَخفَينَا،فَأَنزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:﴿وَمَا كُنتُم تَستَتِرُونَ أَن يَشهَدَ عَلَيكُم سَمعُكُم وَلاَ أَبصَارُكُم وَلاَ جُلُودُكُم﴾ [فصلت:22] » الآيَةَ. رواه البخاري(7521)، ومسلم (2775).

من فوائد الحديث:

-إثبات صفة السمع لله، وكما قال الله:﴿ إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسمَعُ وَأَرَى [طه:46].وعَن أَبِي مُوسَى عن النّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَاربَعُوا عَلَى أَنفُسِكُم،إِنَّكُم لاَ تَدعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا،إِنَّكُم تَدعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا وَهُوَ مَعَكُم» رواه البخاري (4205) ومسلم (2704).

وإذا كان الله يسمع ويبصر بل أبلغ من ذلك أنه يعلم المسموع وغير المسموع، يعلم ما في القلب، ويعلم خطراته ووساوسه، فيجب علينا أن نراقبَ الله سبحانه.

-وفيه السبب في قلة فقه قلوبهم: أنهم سمان، ومعناه:أنه ليس لهم هَمٌّ إلا بطونهم،قال القاضي عياض في «إكمال المعلم»(8/309): فيه تنبيه على أن الفطنة قلَّ ما تكون مع كثرة اللحم،والاتصاف بالسمن والشحم.

فلهذا قال هؤلاء الثلاثة مقالتهم هذه.

-سبب نزول هذه الآية ﴿ وَمَا كُنتُم تَستَتِرُونَ أَن يَشهَدَ عَلَيكُم سَمعُكُم وَلَا أَبصَارُكُم وَلَا جُلُودُكُم﴾.

- شهود الجلود والجوارح على صاحبها يوم القيامة، فحين ينكرون شركهم، كما قال الله تَعَالَى:﴿ ثُمَّ لَم تَكُن فِتنَتُهُم إِلَّا أَن قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشرِكِينَ (23)﴾ [الأنعام:23] ينطق الله جوارحهم، وكما قال تَعَالَى:﴿ اليَومَ نَختِمُ عَلَى أَفوَاهِهِم وَتُكَلِّمُنَا أَيدِيهِم وَتَشهَدُ أَرجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكسِبُونَ (65) [يس:65]. وروى مسلم (2969) عَن أَنَسِ،قَالَ:كُنَّا عِندَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ،فَقَالَهَل تَدرُونَ مِمَّ أَضحَكُ؟» قَالَ قُلنَا:اللهُ وَرَسُولُهُ أَعلَمُ،قَالَمِن مُخَاطَبَةِ العَبدِ رَبَّهُ،يَقُولُ:يَا رَبِّ أَلَم تُجِرنِي مِنَ الظُّلمِ؟ قَالَ:يَقُولُ:بَلَى،قَالَ:فَيَقُولُ:فَإِنِّي لَا أُجِيزُ عَلَى نَفسِي إِلَّا شَاهِدًا مِنِّي،قَالَ:فَيَقُولُ:كَفَى بِنَفسِكَ اليَومَ عَلَيكَ شَهِيدًا،وَبِالكِرَامِ الكَاتِبِينَ شُهُودًا،قَالَ:فَيُختَمُ عَلَى فِيهِ،فَيُقَالُ لِأَركَانِهِ:انطِقِي،قَالَ:فَتَنطِقُ بِأَعمَالِهِ،قَالَ:ثُمَّ يُخَلَّى بَينَهُ وَبَينَ الكَلَامِ،قَالَ فَيَقُولُ:بُعدًا لَكُنَّ وَسُحقًا،فَعَنكُنَّ كُنتُ أُنَاضِلُ».

-الحث على مراقبة الله، وأن الإنسان لا يظن أنه إذا استخفى عن الناس أنه يخفى على الله وأنه يأمن من شهادة جوارحه عليه، فهذه الجوارح والجلود لا يستطيع أن يخفي عنها عمله؛لأنها جزء منه، فقد يأتي يوم وتشهد على صاحبها، فإذا شهدت عليهم عاتبوها ﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِم لِمَ شَهِدتُم عَلَينَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيءٍ وَهُوَ خَلَقَكُم أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيهِ تُرجَعُونَ (21)﴾، فليكن الإنسان على حذر من هذا.

وهذه شهادة مقال لا حال نؤمن بذلك، والله على كل شيء قدير.

وربنا سبحانه يعلم ذلك، وكذلك هو مكتوب في صحائف أعماله ﴿ اقرَأ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفسِكَ اليَومَ عَلَيكَ حَسِيبًا (14) [الإسراء:14 ولكن هذا أبلغ في إقامة الحجة عليه:أن تشهد عليه جوارحه، نسأل الله العافية.