جديد الرسائل

الجمعة، 18 فبراير 2022

(47) نصائح وفوائد


قال تَعَالَى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾[البقرة: 152].

قال ابن حجر رَحِمَهُ اللهُ: قَالَ-أي: ابن بطال-وَمعنى قَوْله: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ اذْكُرُونِي بِالطَّاعَةِ أَذْكُرْكُمْ بِالْمَعُونَةِ.

 وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: اذْكُرُونِي بِالطَّاعَةِ أَذْكُرْكُمْ بِالْمَغْفِرَةِ.

 وَذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ عِبَارَةٍ أَكْثَرُهَا عَنْ أَهْلِ الزُّهْدِ، وَمَرْجِعُهَا إِلَى مَعْنَى التَّوْحِيدِ وَالثَّوَابِ أَوِ الْمَحَبَّةِ وَالْوَصْلِ أَوِ الدُّعَاءِ وَالْإِجَابَةِ. اهـ.

وقال ابن جرير الطبري في تفسير هذه الآية (152) من سورة البقرة: يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِذَلِكَ: فَاذْكُرُونِي أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِطَاعَتِكُمْ إِيَّايَ فِيمَا آمُرُكُمْ بِهِ وَفِيمَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ، أَذْكُرْكُمْ بِرَحْمَتِي إِيَّاكُمْ وَمَغْفِرَتِي لَكُمْ.

وذكر ابن القيم في «جلاء الأفهام» (451) خمسة أَنْوَاعٍ لذكر العبد ربَّه:

الأول: ذكره بأسمائه وَصِفَاته وَالثنَاء عَلَيْهِ بهَا.

الثَّانِي: تسبيحه وتحميده وتكبيره وتهليله وتمجيده، وَالْغَالِب من اسْتِعْمَال لفظ الذّكر عِنْد الْمُتَأَخِّرين هَذَا.

الثَّالِث: ذكره بأحكامه وأوامره ونواهيه، وَهُوَ ذكر أهل العلم، بل الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة هِيَ ذكرهم لرَبهم.

[الرابع]: وَمن أفضل ذكره: ذكره بِكَلَامِهِ.

قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه:124فَذكره هُنَا كَلَامه الَّذِي أنزلهُ على رَسُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقَالَ تَعَالَى ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرَّعْد: 28].

[الخامس]: وَمن ذكره سُبْحَانَهُ: دعاؤه واستغفاره والتضرع إِلَيْهِ.

 فَهَذِهِ خَمْسَة أَنْوَاع من الذّكر. اهـ.

 

فقوله سُبحَانَهُ: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْذكر الله سُبحَانَهُ للذاكر يتضمن محبته، ومعونته له، وتوفيقه، وتفريج كربه، وإصلاح حاله، ومغفرة ذنوبه، ورحمته، وذكره في الآخرة...

 وليس معناه: أن الله عَزَّ وَجَل ينسى، فقد قال نبي الله موسى لما قال له فرعون: ﴿ قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (51)﴾ [طه: 51]. قال نبي الله موسى: ﴿عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى(52)﴾ [طه: 51وقال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (64) [مريم: 64]. وهذا يفيد أن ذكر الله عَزَّ وَجَل للذاكر يفيد معنًى خاصًا وعناية الله عَزَّ وَجَل بالذاكر.

وأما ذكر العبد ربه فبطاعته وترك معاصيه، والخ ما تقدم في كلام ابن القيم.