جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 29 يناير 2022

(40)اختصار دروس شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري

 

من كلام الله سبحانه لأهل الجنة

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ لِأَهْلِ الجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ، فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ وَالخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى يَا رَبِّ وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: أَلَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ، وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ، فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا».

«لَبَّيْكَ رَبَّنَا» أي: إجابة بعد إجابة.

«وَسَعْدَيْكَ» أي: إسعادًا بعد إسعاد.

«وَالخَيْرُ فِي يَدَيْكَ» كما قال تَعَالَى: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾ [الملك: 1]. فالخير بيد الله، وهذا فيه الحث على الدعاء؛ لأن الله  بيده الخير، فالإنسان يدعو من بيده خزائن السماوات والأرض، ولا يمل، أو يستكثر.

من فوائد حديث أبي سعيد:

 -هذا الحديث فيه كلام الله  لأهل الجنة وكلامهم معه.

ومن كلام الله لأهل الجنة ما ذكره الله في قوله: ﴿ سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ (58)[يس: 58].

وعن صهيب بن سنان الرومي، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، قَالَ: يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ» رواه مسلم (181).

ومن فوائد حديث الباب:

- استنبط الحافظ ابن حجر من هذا الحديث، وقال: فِيهِ الْأَدَبُ فِي السُّؤَالِ لِقَوْلِهِمْ: وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْلَمُوا شَيْئًا أَفْضَلَ مِمَّا هُمْ فِيهِ فَاسْتَفْهَمُوا عَمَّا لَا عِلْمَ لَهُمْ بِهِ.

-وَفِيهِ أَنَّ الْخَيْرَ كُلَّهُ وَالْفَضْلَ وَالِاغْتِبَاطَ إِنَّمَا هُوَ فِي رِضَا اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَكُلُّ شَيْءٍ مَا عَدَاهُ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهُ فَهُوَ مِنْ أَثَرِهِ.

- وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى رِضَا كُلٍّ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ بِحَالِهِ مَعَ اخْتِلَافِ مَنَازِلِهِمْ وَتَنْوِيعِ دَرَجَاتِهِمْ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ أَجَابُوا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ «أَعْطَيْتُنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكِ»، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ. اهـ.

وفيه من الفوائد:

-إثبات صفة الرضا لله، وكما قال الله: ﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [المائدة: 119].

-وفيه بشارة أهل الجنة بكلِّ ما يفرحهم وتقرُّ به أعينهم، وكما قال الله في تبشير المؤمنين بالجنة: ﴿ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (22)[التوبة: 21-22].

ومن هذه البِشارات دوام الخلود في الجنة والصحة والشباب والنعيم المقيم، كما ثبت عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُنَادِي مُنَادٍ: إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلَا تَسْقَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلَا تَمُوتُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلَا تَبْأَسُوا أَبَدًا» فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الأعراف: 43]» رواه مسلم (2837).

- أن الله  يحل رضوانه على أهل الجنة فلا يسخط عليهم أبدًا، وهذا يفيد أن رضى الله عن أهل الجنة إلى الأبد، وما أدخلهم الله الجنة إلا وهو راضٍ عنهم ﴿ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119)[المائدة: 119].

-وفيه أن أعلى نعيم أهل الجنة رضوان الله عليهم.