جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 7 ديسمبر 2021

(38)اختصار دروس شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري

 

عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ، كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي النَّجْوَى ؟ قَالَ: « يَدْنُو أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: أَعَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، وَيَقُولُ: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَرِّرُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: إِنِّي سَتَرْتُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ» رواه البخاري.

قوله: (فِي النَّجْوَى) قال ابن الجوزي في «كشف المشكل» (2/565): المحادثة فِي السِّرّ. وَالْمرَاد بهَا هَاهُنَا: مُخَاطبَة الرب عز وَجل لعَبْدِهِ يَوْم الْقِيَامَة.

« يَدْنُو » أي: يقرُب.

قوله: «كَنَفَهُ» قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: كَنَفُهُ: يَعْنِي سِتْرَهُ. أخرجه البخاري في «خلق أفعال العباد» (78).

وقال إبراهيم الحربي: ناحيته، وبذلك فسره الأصمعي، قال: يقال: أنا في كنف بني فلان، أي: في ناحيتهم.

 وقال بعضهم: الكنف الجانب.

 فهذه ثلاثة ألفاظ في تفسير الكنف. ويراجع «بيان تلبيس الجهمية» (193) لشيخ الإسلام رَحِمَهُ الله.

من الفوائد:

·     إثبات صفة الدنو لله سبحانه، فإنه إذا حصل قرب العبد من ربه قرب الله إليه، وقد جاء في الأدلة الصريحة إثبات صفة القرب لله كقوله تعالى: ﴿ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (61) [هود: 61].

·    وفيه أن الله يناجي عبده يوم القيامة، فيكلمه سرًّا-لا يسمعه أحد-عن الذنوب التي عملها العبد في الدنيا.

·    أن الأفضل للشخص أن يستر نفسه إذا وقع في الذنب حتى ولو ارتكب حَدًّا؛ لأنه إذا كانت الذنوب مستورة عليه في الدنيا، فإن الله يسترها عليه في الآخرة.

والنبي صلى الله عليه وسلم يرغب في الستر على المذنبين، فيقول: «وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» رواه مسلم (2699) عن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

ومن أدعيته صلى الله عليه وسلم في الصباح والمساء: «اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي.

 وستر العورات»: يشمل العورة المعنوية وهي  الذنوب، والعورة الحسية وهي عورة البدن.

أما المجاهرة بالمعصية فحرام؛ ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن الناس كلهم بعافية إلا من يجاهر بمعصيته، كما في الحديث: عن أبي هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلاَنُ، عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ» رواه البخاري (6069ومسلم (2990).

·    وفيه من الفوائد: إثبات صفة الكَنَف، والستر، وصفة المغفرة لله.