مِنْ فِقْهِ كَبْشَةَ الأَنْصَاريَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ جَدَّةٍ لَهُ يُقَالُ لَهَا كَبْشَةُ الْأَنْصَارِيَّةُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَخَلَ عَلَيْهَا، وَعِنْدَهَا قِرْبَةٌ مُعَلَّقَةٌ، فَشَرِبَ مِنْهَا، وَهُوَ قَائِمٌ، فَقَطَعَتْ فَمَ الْقِرْبَةِ تَبْتَغِي بَرَكَةَ مَوْضِعِ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رواه ابن ماجه(3423)، والحديث صحيح.
وصحابية الحديث: كبشة بنت ثابت بن المنذر بن حرام، أخت حسان لأبيه، من بني مالك بن النَّجَّار. « الإصابة في تمييز الصحابة»(8/293).
وهذا من فقْهِ هذه الصحابية الأنصارية، إذ بادرتْ إلى قطعِ فَمِ القِربة؛ ابتغاء بركة موضع في-أي: فم- النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قال النووي رحمه الله في «شرح صحيح مسلم»(13/194): قطعت فَم الْقِرْبَةِ لِوَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَصُونَ مَوْضِعًا أَصَابَهُ فَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَنْ يُبْتَذَلَ وَيَمَسَّهُ كُلُّ أَحَدٍ.
وَالثَّانِي: أَنْ تَحْفَظَهُ لِلتَّبَرُّكِ بِهِ وَالِاسْتِشْفَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وفيه: منافسة هذه الصحابية في الخير، كما هو شأن الصحابيات رضي الله عنهن.
وفيه أيضًا من الفوائد:
جواز الشرب قائمًا ومن فمِ السِّقاء، وما جاء من النهي عن ذلك فللتنزيه.
فيستحب الشُّرْبُ جالسًا، ومن غيرِ فَمِ السِّقَاء.