جديد المدونة

جديد الرسائل

الجمعة، 4 ديسمبر 2020

(74)الإجابةُ عن الأسئلةِ

بسم الله الرحمن الرحيم

 ❖❖❖❖❖❖

السؤال: بارك ربي فيكم وزادكم من واسع فضله وأكرمكم.

ما حكم ترك صلاة الجماعة والجمعة في هذه الأوضاع للرجال مع التباعد الحاصل بين الصفوف. فالبعض يستدل بحديث «لا صلاة لمنفرد بعد الصف» فيترك حضور المساجد ويصلي في البيت. فقد طالت المدة والرجال لا يحضرون المساجد؟

الجواب: تسوية الصفوف وسد الفُرج واجب، النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يقول: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاَةِ»رواه البخاري (723ومسلم (433) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

 ويقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ» رواه البخاري (717ومسلم (436) عن النُّعْمَانَ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.

وروى أبو داود (667) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «رُصُّوا صُفُوفَكُمْ وَقَارِبُوا بَيْنَهَا وَحَاذُوا بِالْأَعْنَاقِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَرَى الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ مِنْ خَلَلِ الصَّفِّ كَأَنَّهَا الْحَذَفُ». وهو في «الصحيح المسند» (55) لوالدي رَحِمَهُ الله.

ويقول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» رواه النسائي (819) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ.

 وجمهور العلماء على استحباب تسوية الصفوف وكراهية تركه. والصحيح الوجوب؛ لما تقدم من الأدلة وما في معناها.

ومن ألزمه ولي أمره بالتباعد تفاديًا لنشر المرض فعليه السمع والطاعة، إذا كان مخالفته يؤدي إلى فتنة وشر.

وأما صلاة الجماعة فلا تترك لأجل هذا، فهي شعيرة من شعائر الدين، نسأل الله أن يصلح الأحوال، والله أعلم.

  ❖❖❖❖❖❖

السؤال: بارك الله فيكم اذكري لنا فوائد ونصائح عن الصلاة، فالكثير متساهلين بالصلاة بوقتها أو ما يصلون إلا بكيفهم؟

الجواب: يقول الله عَزَّ وَجَل: ﴿ حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) ﴾ [البقرة]. ويقول سبحانه: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103) ﴾ [النساء]. ويقول عَزَّ وَجَل: ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) ﴾ [مريم].

 الصلاة لها وقت محدود حدده الشرع لا يجوز تعديه.

 ومن أضاع الصلاة فهو لغيرها أضيع، والصلاة عمود الدين، وهي صلة بين العبد وربه، ومناجاة لله عزوجل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ فِي صَلاَتِهِ فَإِنَّهُ يُنَاجِي رَبَّهُ» رواه البخاري (405ومسلم (551) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

ويجب الحذر من تثاقل الصلاة فإن هذا من صفات المنافقين، ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)﴾ [النساء].

والصلاة أول ما يحاسب العبد عليها، فإذا صلحت له أفلح ونجح، روى الإمام أحمد عن يحيى بن يعمر عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته فإن أتمها كتبت له تامة وإن لم يكن أتمها قال انظروا تجدون لعبدي من تطوع فأكملوا ما ضيع من فريضته ثم الزكاة ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك».

و أمر الله سبحانه بإقام الصلاة فقال: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ [البقرة:43]. وإقام الصلاة: الإتيان بها على الوجه التام، ويدخل في ذلك أداؤها في وقتها، والقيام بأركانها وواجباتها، فمن أقام الصلاة فقد وُفِّقَ وسلك طريقًا تعينه على أمور دينه ودنياه، كما قال تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)﴾ [البقرة].

  ❖❖❖❖❖❖

السؤال: كيف تقوم المرأة بترتيب وقتها؟

الجواب: سؤال حسن، ولا يعرف قيمة الوقت إلا القليل، كما روى البخاري (6412) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ».

 فعلى المرأة التي تريد أن تنتفع بحياتها الأولى وتسعد في آخرتها أن تحرص كلَّ الحرص على وقتها وتُرتِّبه، ولا تمشي عشواء من غير ترتيب؛ فإنها قد لا تنجح.

وترتيب المرأة لوقتها يتحقق بإذن الله عَزَّ وَجَل إذا جزَّأت أوقاتَها وأوقات طلبها للعلم واهتمامها بالقرآن الكريم، فتجعل أوقاتًا لأمور دنياها وترتيب حياتها البيتية والقيام بالحقوق وتربية أولادها، وأوقاتًا للتفرغ لطلب العلم ولزاد الآخرة.

وعلى المرأة أن تحرص على عدم تفويت الأوقات الفاضلة المباركة التي قد يكون الساعة فيها أحسن من ساعتين و ثلاث من سائر الأوقات.

والأوقات المباركة، مثل:

-بكور اليوم، عن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «اللهُمَّ بَارِك لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا» أخرجه الطبراني في «الأوسط» (1000).

-آخر الليل وقت غفلة الناس ونومهم وهو وقت نفيس، كما في «الصحيحين» البخاري(7494ومسلم (758) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي، فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ».

وقال الشاعر:

اصْبِرْ عَلَى مَضَضِ الْإِدْلَاجِ بِالسَّحَرِ. . . وَبِالرَّوَاحِ عَلَى الْحَاجَاتِ وَالْبُكُرِ

لَا تَعْجِزَنَّ وَلَا يُضْجِرْكَ مَطْلَبُهَا. . . فَالنُّجْحَ يَتْلُفَ بَيْنَ الْعَجْزِ وَالضَّجَرِ

إِنِّي رَأَيْتُ وَفِي الْأَيَّامِ تَجْرُبَةٌ. . . لِلصَّبْرِ عَاقِبَةً مَحْمُودَةَ الْأَثَرِ

وَقَلَّ مَنْ جَدَّ فِي أَمْرٍ يُطَالِبُهُ. . . وَاسْتَصْحَبَ الصَّبْرَ إِلَّا فَازَ بِالظُّفُرِ

الأبيات في «الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع» (1548).

-ومن الأوقات المباركة الوقت بعد العصر، يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ، مِنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَلَأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى، أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مَنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً». رواه أبو داود (3667) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وهو في «الجامع الصحيح» (106) لوالدي رَحِمَهُ الله.

 والبركة من الله عز وجل، وإذا أراد الله بعبدٍ خيرًا هيَّأَ له الوقت ويسَّره له أسبابه، قال ابن القيم في «مدارج السالكين» (3/ 125): وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِالْعَبْدِ خَيْرًا: أَعَانَهُ بِالْوَقْتِ. وَجَعَلَ وَقْتَهَ مُسَاعِدًا لَهُ. وَإِذَا أَرَادَ بِهِ شَرًّا: جَعَلَ وَقْتَهُ عَلَيْهِ، وَنَاكَدَهُ وَقْتَهُ. فَكُلَّمَا أَرَادَ التَّأَهُّبَ لِلْمَسِيرِ: لَمْ يُسَاعِدْهُ الْوَقْتُ. وَالْأَوَّلُ: كُلَّمَا هَمَّتْ نَفْسُهُ بِالْقُعُودِ أَقَامَهُ الْوَقْتُ وَسَاعَدَهُ. اهـ.

ولأهمية ترتيب الوقت وتنظيمه يقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعبد الله بن عمرو: « فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا» رواه البخاري (5199ومسلم (1159).

وعلى المرأة أن تسلك الأسباب المعينة على المحافظة على الوقت والنجاح في ترتيبه وتنظيمه، من أهم هذه الأسباب:

-أن تستعين بالله وحده لا شريك له، قال تعالى: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) ﴾ [الفاتحة]. فالله سبحانه وتعالى هو المعين ولا يدرك خير إلا بعونه.

 إِذَا لم يَكُنْ عَونٌ مِنَ اللهِ لِلفَتى...فَأَوَّلُ مَا يَجنِي عَلَيهِ اجتِهَادُهُ.

ومن أدعية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرْ هُدَايَ إِلَيَّ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي لَكَ شَاكِرًا، لَكَ ذَاكِرًا، لَكَ رَاهِبًا، لَكَ مِطْوَاعًا إِلَيْكَ، مُخْبِتًا، أَوْ مُنِيبًا، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَسَدِّدْ لِسَانِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي» رواه أبو داود (1510)عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وهو في «الصحيح المسند» (606) لوالدي رَحِمَهُ الله.

وعلم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معاذ بن جبل أن يقول دبر كل صلاة: «اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ» رواه أبو داود (1522)عَنِ معاذ بن جبل، وهو في «الصحيح المسند» (1107) لوالدي رَحِمَهُ الله.

-السعي في أسباب زيادة الإيمان من مسابقة إلى الخيرات والفضائل، وعلى قدر الإيمان يكون الشح بالوقت والحفاظ عليه من الضياع.

-الصبر، قال تعالى ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (45)﴾ [البقرة]. فلابد من الصبر على المحافظة على الوقت، فالنوم يكون منتظمًا، والخروج قليل، واللقاءات قليلة، وهكذا الانبساط مع الأهل يكون على حسب الحاجة في مؤانستهم ومحادثتهم.

- العلم النافع، فالعلم النافع يهدي إلى كل خير، ويبعث الهمة، والحرص على استثمار الوقت في الخير والمنافع.

-الجليسات الصالحات، يقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ» رواه أبو داود (4833) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وهو في «الصحيح المسند» (1272) لوالدي رَحِمَهُ الله.

فالجليسات الصالحات  عون على المحافظة على الوقت، يقول الشاعر:

عَنْ الْمَرْءِ لَا تَسْأَلْ وَسَلْ عَنْ قَرِينِهِ. . . فَكُلُّ قَرِينٍ بِالْمُقَارَنِ يَقْتَدِي

❖❖❖❖❖❖