جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 25 أكتوبر 2020

اختصار الدرس الحادي والثلاثين من دروس التبيان في آداب حملة القرآن

 

من آداب حامل القرآن

أن يكون على أكمل الأحوال وأكرم الشمائل

لا بد لحامل القرآن أن يكون مميَّزًا في أفعاله وأقواله وأوصافه وسلوكه، وأن يبتعد عن الأخلاق السيئة وأخلاق السَّفلة؛ لأنه يقرأ القرآن  ويحمله في جوفِه فلا بد أن يتخلق بأخلاقه، كما في وصف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند أن سئلت عائشة عن خلق النّبِيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقالت: «فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ الْقُرْآنَ» رواه مسلم (746).

فيرفع نفسه عن كل ما نهى القرآن عنه حتى ولو كان النهي على سبيل الكراهة. إكرامًا وتعظيمًا للقرآن الذي يحمله في صدره.

ـــــــــــــــــــــ

أن يكون شريف النفس

أي: عالي النفس، ففيه وصية لحامل القرآن أن يكون عاليَ النفس بعيدًا عن مهانتها، وذلتها.

والنفوس الشريفة طموحاتها عالية، قال ابن القيم رَحِمَهُ الله في «الفوائد» (177): فالنفوس الشَّرِيفَة لَا ترْضى من الْأَشْيَاء إِلَّا بِأَعْلَاهَا وأفضلها وأحمدها عَاقِبَة، والنفوس الدنيئة تحوم حول الدناءات وَتَقَع عَلَيْهَا كَمَا يَقع الذُّبَاب على الأقذار، فَالنَّفْس الشَّرِيفَة الْعلية لَا ترْضى بالظلم وَلَا بالفواحش وَلَا بِالسَّرقَةِ والخيانة؛ لِأَنَّهَا أكبر من ذَلِك وأجلُّ، وَالنَّفس المهينة الحقيرة والخسيسة بالضد من ذَلِك. اهـ.

وقد أثنى الله  على النفوس الشريفة وذمَّ النفوس الدنيئة، فقال سبحانه: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) [الشمس أي: زكاها بطاعة الله ، وخَابَ مَنْ دَسَّاهَا بالمعاصي.

وليس هناك أشرف للنفس من طاعة الله عز وجل. قال ابن القيم رحمه الله في «الجواب الكافي»(78): الطَّاعَةُ وَالْبِرُّ تُكَبِّرُ النَّفْسَ وَتُعِزُّهَا وَتُعْلِيهَا، حَتَّى تَصِيرَ أَشْرَفَ شَيْءٍ وَأَكْبَرَهُ، وَأَزْكَاهُ وَأَعْلَاهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَهِيَ أَذَلُّ شَيْءٍ وَأَحْقَرُهُ وَأَصْغَرُهُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَبِهَذَا الذُّلِّ حَصَلَ لَهَا هَذَا الْعِزُّ وَالشَّرَفُ وَالنُّمُوُّ، فَمَا أَصْغَرَ النُّفُوسَ مِثْلُ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَمَا كَبَّرَهَا وَشَرَّفَهَا وَرَفَعَهَا مِثْلُ طَاعَةِ اللَّهِ.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

آثار في وصايا وآداب لحملة القرآن الكريم:

الأثر الأول: (عَن عُمَرَ بنِ الخَطَّاب رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: يَا مَعشَرَ القُرَّاءِ، ارفَعُوا رُءُوسَكَم؛ فَقَد وَضَحَ لَكُمُ الطَّرِيقُ، وَاستَبِقُوا الخَيرَاتِ، وَلَا تَكُونُوا عِيَالًا عَلَى النَّاسِ) أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (1217) من طريق طلق بن غنام، عن المسعودي، عن جواب بن عبيد الله، عن المعرور بن سويد، عن عمر.

وهذا أثر حسن؛ جواب بن عبيد الله حسن الحديث، والمسعودي مختلط، لكن رواية طلق عنه قبل الاختلاط، كما في «الكواكب النيرات».

في هذا الأثر: ثلاث وصايا لحملة القرآن:

 الوصية الأولى: (ارفَعُوا رُءُوسَكَم) هذا مما ينبغي لحملة القرآن، بل ولكل سني أن يرفعوا رؤوسهم وأن يعتزُّوا بدينِهم ولا يكونوا أذِلَّةً؛ لأنهم على حق وعلى خير وهدى.

(فَقَد وَضَحَ لَكُمُ الطَّرِيقُ) أي: تبين لكم طريق الحق والرشاد..

الوصية الثانية: (وَاستَبِقُوا الخَيرَاتِ) فعلى القراء أن يكونوا سباقين إلى الخير، وهذا مأخوذ من قوله تعالى: ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ [البقرة: 148]. استبقوا إلى القرآن، إلى العلم، إلى الصلاة في الجماعة، إلى الذكر، إلى الأخلاق العالية.

الوصية الثالثة: (وَلَا تَكُونُوا عِيَالًا عَلَى النَّاسِ) أي: لا يكونوا عالة على غيرهم، ففيه الحث على ترك البِطالة، وأن حامل القرآن يكتسب بيده، قال الله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15) [الملك ويقول النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ ثُمَّ يَغْدُوَ-أَحْسِبُهُ قَالَ: إِلَى الجَبَلِ-فَيَحْتَطِبَ، فَيَبِيعَ، فَيَأْكُلَ وَيَتَصَدَّقَ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ» رواه البخاري (1480 ومسلم (1042) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه. وقد دلَّ هذا الحديث أنَّ: سؤال الناس ذلة وإراقة لماء الوجه.

ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الحث على الاكتساب: «لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا» رواه الإمام أحمد (205) عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه.

ويقول سفيان الثوري: عليك بعمل الأبطال، الاكتساب من الحلال والإنفاق على العيال. رواه ابن أبي حاتم رَحِمَهُ الله في مقدمة «الجرح والتعديل» (ص 85 والأثر صحيح.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأثر الثاني: (عَن عَبدِاللهِ بنِ مَسعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: يَنبَغِي لِحَامِلِ القُرآنِ أَن يُعرَفَ بِلَيلِهِ إِذَا النَّاسُ نَائِمُونَ، وَبِنَهَارِهِ إِذَا النَّاسُ مُفطِرُونَ، وَبِحُزنِهِ إِذَا النَّاسُ يَفرَحُونَ، وَبِبُكائِهِ إِذَا النَّاسُ يَضحَكُونَ، وَبِصمتِهِ إِذَا النَّاسُ يَخُوضُونَ، وَبِخُشُوعِهِ إِذَا النَّاسُ يَختَالُونَ)

أثر ابن مسعود أخرجه أبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص52وغيره من طريق المسيب بن رافع، عن ابن مسعود. ولم يسمع منه شيئًا. وإن كان سنده منقطعًا فمعناه صحيح.

(أَن يُعرَفَ بِلَيلِهِ إِذَا النَّاسُ نَائِمُونَ) يعني: أن من أوصاف حامل القرآن قيام الليل، وقيام الليل من شعار الصالحين ودأب المؤمنين، فكيف بحملة القرآن وطلبة العلم الذين ينبغي أن يكونوا أسبق الناس إلى هذه الخصلة وإلى كل خير؟! قال الله: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [السجدة].

وجاء عن أَبِي عِصْمَةَ عَاصِمِ بْنِ عِصَامٍ الْبَيْهَقِيَّ يَقُولُ: بِتُّ لَيْلَةً عِنْدَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَجَاءَ بِالْمَاءِ فَوَضَعَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ نَظَرَ إِلَى الْمَاءِ فَإِذَا هُوَ كَمَا كَانَ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ رَجُلٌ يَطْلُبُ الْعِلْمَ لَا يَكُونُ لَهُ وِرْدٌ مِنَ اللَّيْلِ» رواه الخطيب في «جامعه» (178).

(وَبِنَهَارِهِ إِذَا النَّاسُ مُفطِرُونَ) أي: بصيامه، فهذا من آداب حامل القرآن: أن يكون له نصيب من الصيام، حتى ولو لم يتيسر له الإثنين والخميس، يصوم ولو يومًا واحدًا في الشهر، كما في حديث أبي عقرب رضي الله عنه، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الصَّوْمِ، فَقَالَ: «صُمْ يَوْمًا مِنَ الشَّهْرِ» الحديث رواه النسائي في «سننه» (2433 وهو في «الصحيح المسند» (1241) لوالدي رَحِمَهُ الله.

 فالصيام من أجلِّ العبادات، ومن أسباب صلاح القلب وخشوعه، ومن أسباب الصحة والعافية.

(وَبِحُزنِهِ إِذَا النَّاسُ يَفرَحُونَ) هذا كما قال الله في وصف أهل الجنة: ﴿ قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ [الطور]. وبعض السلف ذُكر في أوصافهم أنه إذا رأيته حسِبْتَهُ يخشى الله.

يقول عَبْدُ الرَّزَّاقِ: كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ، عَلِمتُ أَنَّهُ يَخشَى اللهَ، قال: وما رأيت مصليًا قط مثله. رواه الخطيب في «تاريخ بغداد» (12/142).

وجاء هذا أيضًا في وصف صَفْوَانِ بْنِ سُلَيْمٍ عند الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (1/661) والأثر صحيح.

 

(وَبِصمتِهِ إِذَا النَّاسُ يَخُوضُونَ) إذا الناس يخوضون في الباطل يلزم السكوت ولا يخوض معهم، ومن صفات الكفار أهل النار: ﴿ وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ [المدثر].

والصمت عبادة وسعادة إلا في خير، وقد قال رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» رواه البخاري (6018 ومسلم (47) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.

ويحتاج الصمت والتقليل من الكلام إلى جهاد عظيم، فإن اللسان كثير الكلام وحركاته سريعة، لا ينجو منه إلا من عصمه الله.

وما أجمل الصمت! حتى إنه والله ليقع في النفس إذا وجدنا بعض النساء عندها خُلُقُ الصمت؛ لأن الصمت صفة عزيزة رفيعة، القليل من يتصف بها؛ وما أكثر الأخطاء والزلَّات بسبب الكلام الكثير والثرثرة، والإنسان يملك نفسه بصمته فإذا تكلم يملكه ما تكلَّم به.

(وَبِخُشُوعِهِ إِذَا النَّاسُ يَختَالُونَ) هذا من صفات حملة القرآن، قال تعالى: ﴿ وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا [الإسراء].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأثر الثالث: (وَعَنِ الحَسنِ رَحِمَهُ الله تَعَالَى: إِنَّ مَن كَانَ قَبلَكُم رَأَوا القُرآنَ رَسَائِلَ مِن رَبِّهِم، فَكَانُوا يَتَدَبَّرُونَهَا بِاللَّيلِ، وَيُنَفِّذُونَهَا بِالنَّهَارِ). أثر الحسن البصري أورده النووي في «المجموع» (2/136). ولم أجده بسنده، والله أعلم.

ومعنى الأثر: أن السلف كانوا يرون القرآن رسائل ربَّانية إلهية من لدن حكيم خبير، فكانوا في الليل يقرؤونه ويتدبرون ويستفيدون، وفي النهار يكون التطبيق العملي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأثر الرابع: (وَعَن الفُضَيلِ بنِ عِيَاض رَحِمَهُ الله: يَنبَغِي لِحامِلِ القُرآنِ أَلَّا يَكَونَ لَهُ حاجَةٌ إِلَى أحَدِ الخُلَفَاءِ فَمَن دُونَهُم).

أخرجه الآجري في «أخلاق القرآن» (37 بسند صحيح. وأخرجه وأبو نعيم في «الحلية» (8/78) من وجه آخر.

يعني: ينبغي لحامل القرآن أن يرفع حاجته إلى ربه، وأن يفزع إلى خالقه في حوائجه، لا إلى المخلوقين، لا إلى خليفة، ولا إلى من هو دون الخليفة.

والفضيل بن عياض واعظ زاهد، وهذه طريقة الزهاد أهل العفة والنزاهة أنهم يرفعون حوائجهم إلى ربهم، ولا يذلِّون أنفسهم ويُدنِّسُونَهَا.

زاد الآجري رَحِمَهُ الله: (وَأَنْ تَكُونَ حَوَائِجُ الْخَلْقِ إِلَيْهِ) يعني: يسألونه ويستفتونه.

هذا الأدب الذي ذكره الفضيل بن عياض عزيز، القليل من يتصف به، فيكون عفيفًا، عزيز النفس، وقد جاء عن سفيان الثوري: قَالَ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ لِأَبِي حازم سلمة بن دينار: ارفع اليّ حاجتك، قال: هيهات هيهات، رفعتها رَفَعْتُهَا إِلَى مَنْ لَا تُخْتَزَلُ الْحَوَائِجُ دُونَهُ، فَمَا أَعْطَانِي مِنْهَا قَنَعْتُ، وَمَا زَوَى عَنِّي مِنْهَا رَضِيتُ. رواه الفسوي في «المعرفة والتاريخ» (1/679 والأثر حسن.

وذات مرة دخل والدي رَحِمَهُ الله إلى الرئيس، فقال له الرئيس: اطلب حاجتك، قال: ما أحتاج شيئًا، ولم آتِ لهذا. فألح عليه أن يسأل حاجته فأبى، فأعطاه من قبل نفسه سيارة، وأرسل إليه ببعض المساعدة للدعوة.

والعفيف والله يعظُم في نفوس التجار والرؤساء، بخلاف الذي يذل نفسه ويسأل الناس أموالهم، فإنه يصغُر في أعينهم حتى ولو كانوا أثرياء ورؤساء، نسأل الله أن يرزقنا جميعًا عزَّة النفس.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأثر الخامس: (وَعَنهُ أَيضًا: حَامِلُ القُرآنِ حامِلُ رايَةِ الإِسلَامِ؛ لَا يَنبَغِي لَهُ أَن يَلهُوَ مَعَ مَن يَلهُو، وَلَا يَسهُو مَعَ مَن يَسهُو، وَلَا يَلغُو مَعَ مَن يَلغُو)

 هذا من صفات حامل القرآن: أنه لا يشارك الفرغ في اللهو والسهو واللغو؛ تعظيمًا للقرآن الكريم، واحترامًا للقرآن.

فالحاصل أن من أكرمه الله عز وجل بالقرآن الكريم، فإنه يحمل كنزًا عظيمًا في صدره، فلا ينبغي أن يتصف بأوصاف الضائعين، ولا بأوصاف السَّفلة المائعين.

وما يصنع طالب العلم وحامل القرآن بما تعلَّمه إذا جفاه ولم يعمل به، قال سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ رَحِمَهُ الله: إِذَا كَانَ نَهَارِي نَهَارَ سَفِيهٍ، وَلَيْلِي لَيْلَ جَاهِلٍ فَمَا أَصْنَعُ بِالْعِلْمِ الَّذِي كَتَبْتُ؟. رواه أبو نعيم في «حلية الأولياء»(7/271 والأثر حسن.

حامل القرآن ينبغي ان يعرض نفسَه وأوصافه على القرآن، كالمرآة إذا نظر إليها أزال النقص والعيب، فهكذا الذي يقرأ القرآن ينظر حاله وأوصافه، فما كان من خلل أصلحه وتاب إلى الله منه، وما كان من أخلاق حميدة حمِد الله وشكره إذ وفقه لذلك. كما ذكر هذا الآجري رَحِمَهُ الله في «أخلاق أهل القرآن»( 80- 81): الْمُؤْمِنُ الْعَاقِلُ إِذَا تَلَا الْقُرْآنَ اسْتَعْرَضَ الْقُرْآنَ، فَكَانَ كَالْمِرْآةِ، يَرَى بِهَا مَا حَسُنَ مِنْ فِعْلِهِ، وَمَا قَبُحَ مِنْهُ، فَمَا حَذَّرَهُ مَوْلَاهُ حَذِرَهُ، وَمَا خَوَّفَهُ بِهِ مِنْ عِقَابِهِ خَافَهُ، وَمَا رَغَّبَهُ فِيهِ مَوْلَاهُ رَغِبَ فِيهِ وَرَجَاهُ، فَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ صِفَتَهُ، أَوْ مَا قَارَبَ هَذِهِ الصِّفَةَ، فَقَدْ تَلَاهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ، وَرَعَاهُ حَقَّ رِعَايَتِهِ، وَكَانَ لَهُ الْقُرْآنُ شَاهِدًا وَشَفِيعًا وَأَنِيسًا وَحِرْزًا، وَمَنْ كَانَ هَذَا وَصَفَهُ، نَفَعَ نَفْسَهُ وَنَفَعَ أَهْلَهُ، وَعَادَ عَلَى وَالِدَيْهِ، وَعَلَى وَلَدِهِ كُلُّ خَيْرٍ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ.