جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 30 سبتمبر 2020

اختصار الدرس الثامن والعشرين من دروس التبيان في آداب حملة القرآن

 

من آداب المتعلم:

الرفق بالمعلم

من آداب الطالب مع شيخه:الرفق به ومراعاة حالِهِ،فلا يقرأ عليه،أو يسأله عن مسألةٍ،أو يطلب منه تعليمًا وإفادة في حال انشغال قلبه،قال النووي رحمه الله:(وَمِمَّا يَتَأَكَّدُ الاِعتِنَاءُ بِهِ:أَلَّا يَقرَأَ عَلَى الشَّيخِ فِي حَالِ شُغلِ قَلبِ الشَّيخِ،وَمَلَلِهُ،وَاِستِنفَارِهِ،وَغَمِّهِ،وَفَرَحِهِ،وَجُوعِهِ،وَعَطَشِهِ،وَنُعَاسِهِ،وَقَلَقِهِ،وَنَحوِ ذَلِكَ مِمَّا يَشُقُّ عَلَيهِ أَو يَمنَعُهُ مِن كَمَالِ حُضُورِ القَلبِ وَالنّشاطِ)

وعن عبدالله بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،قَالَ:سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم:أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَالصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا»،قَالَ:ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَثُمَّ بِرُّ الوَالِدَيْنِ» قَالَ:ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَالجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قَالَ:حَدَّثَنِي بِهِنَّ،وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي» رواه البخاري (527ومسلم (85) وفي رواية لمسلمفَمَا تَرَكْتُ أَسْتَزِيدُهُ إِلَّا إِرْعَاءً عَلَيْهِ».

فإذا كان الشيخ مشغولًا أو مرهَقًا فلا ينبغي للطالب أن يطلب منه أن يقرأَ عليه،أو يسأله عن مسألةٍ فإنه قد يعرضه للزلل،ومخاطر مزالق الفتوى والتعليم،قال الله تعالى:﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ [الأحزاب:4].

وذكر لنا والدي رحمه الله أنه سأله طالب عند انصرافه من الدرس،وقد كان مرهقًا،فقال له:فكري مشوش،أتريد أن أجيبك بالخطأ؟!

وقد تكون الإجابة ناقصة،قال والدي رحمه الله في «مقدمة إجابة السائل على أهمِّ المسائل»(14):بعض الأوقات أنشطُ في الجواب،وبعض الأوقات أكون مرهَقًا أو مستعجِلًا،فلا أُعطِيْ الموضوعَ حقَّه.اهـ.

وقد يكون هذا سببًا لإضجار المعلم،لأن الطالب لم يتحين الفرصة المناسبة،فيحصل له من الشيخ جفاء وشدة وقسوة.

قال الخطيب رحمه الله في «جامعه»:(مَنَ أَضْجَرَهُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ فَأَطْلَقَ لِسَانَهُ بِذَمِّهِمْ) ومن الآثار الثابتة التي ذكرها:

-عن سفيانَ بْنِ عُيَيْنَةَ:انْظُرْ مَنْ نُجَالِسُ،مِنْ كُلِّ طَيْرٍ رِيشَةٌ وَمِنْ كُلِّ ثَوْبٍ خِرْقَةٌ،سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِيَّايَ اتَّبَعْتُمْ،أَمْ هَذِهِ الْعَصَا،إِنِّي لَأَرْغَبُ عَنْ مُجَالَسَتِكُمْ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً.

-عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ،قَالَ:«مَا رَأَيْتُ أَعْجَبَ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ،يَأْتُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُدْعَوْا،وَيَزُورُونَ مِنْ غَيْرِ شَوْقٍ،وَيُمَلُّونَ بِالْمُجَالَسَةِ،وَيُبْرَمُونَ بِطُولِ الْمُسَاءَلَةِ».

ثم قال الخطيب رحمه الله في «جامعه»(تحت رقم 410):والإضجار يُغير الأفهام،ويفسد الأخلاق،ويحيل الطباع.ثم أخرج بعض الآثار،نقتصر على ذِكْرِ ثلاثة منها:

-عن مجاهد بْنَ مُوسَى الخوارزمي،يَقُولُ:كَانَ أَبُو مُعَاوِيَةَ يُحَدِّثُنَا يَوْمًا بِحَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ ذَرٍّ،وَكَانَ ثَمَّ أَهْلُ الْبَانوجَةِ،فَجَعَلُوا يَرُدُّونَ عَلَيْهِ:الْأَعْمَشُ عَمَّنْ؟ فَلَمَّا رَآهُمْ لَا يَفْهَمُونَ،قَالَالْأَعْمَشُ،عَنْ إِبْلِيسَ،مِنَ الضَّجَرِ».

عن سَلَمَةَ بْنِ شَبِيبٍ،قَالَ رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّزَّاقِ وَهُوَ بِمَكَّةَ،فَقُلْتُ لَهُ:كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَبِشَرٍّ مَا رَأَيْتُ وَجْهَكَ،فَإِنَّكَ مُبْرِمٌ».

-عن عَفَّانَ وهو:ابن مسلمٍ الصفَّار،قَالَ:كُنَّا عِنْدَ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ،فَجَعَلُوا يَقُولُونَ:يَا أَبَا بِسْطَامٍ،يَا أَبَا بِسْطَامٍ،فَقَالَ:لَا أُحَدِّثُ الْيَوْمَ مَنْ قَالَ:يَا أَبَا بِسْطَامٍ.

وأيضًا روى أبو نعيم في «الحلية» (7/201) عن مسعر بن كدام قال-وقد أزعجوه-:من أبغضني جعله الله مُحَدِّثًا.والأثر صحيح.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اغتنام وقت نشاط المعلم

هذا أدب نفيس أن يتحين الطالب وقت نشاط معلمه،لأنه أرفق بالمعلم،ولأنه يكون في حال نشاطه منشرح الصدر،ولأن هذا أدعى للبسط في المحادثة والإفادة،ولأن هذه فُرصَةٌ ثمينةٌ والحياة فُرَصٌ.

من اغتنام السلف الفُرصَةَ في سؤالِهم واستفادتِهم من شيوخِهم:

عن ابْنِ عَبَّاسٍ،يَقُولُ:كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ عَنِ المَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَظَاهَرَتَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،فَمَكَثْتُ سَنَةً،فَلَمْ أَجِدْ لَهُ مَوْضِعًا حَتَّى خَرَجْتُ مَعَهُ حَاجًّا،فَلَمَّا كُنَّا بِظَهْرَانَ ذَهَبَ عُمَرُ لِحَاجَتِهِ،فَقَالَ:أَدْرِكْنِي بِالوَضُوءِ فَأَدْرَكْتُهُ بِالإِدَاوَةِ،فَجَعَلْتُ أَسْكُبُ عَلَيْهِ المَاءَ،وَرَأَيْتُ مَوْضِعًا،فَقُلْتُ:يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ،مَنِ المَرْأَتَانِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:فَمَا أَتْمَمْتُ كَلاَمِي حَتَّى قَالَعَائِشَةُ،وَحَفْصَةُ».رواه البخاري (4915).

فيه تربية للطالب على الحلم والصبر،وألا يكون مزاجيًّا ما أراده فعله.

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا،قَالَ:وُجِدَ أَكْثَرُ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ هَذَا الْحَيِّ مِنَ الْأَنْصَارِ.وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَآتِي الرَّجُلَ مِنْهُمْ فَيُقَالُ:هُوَ نَائِمٌ،فَلَوْ شِئْتُ أَنْ يُوقَظَ لِي،فَأَدَعُهُ حَتَّى يَخْرُجَ لِأَسْتَطِيبَ بِذَلِكَ حَدِيثَهُ.رواه الإمام الدارمي في «مقدمة سننه» (586).

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ،قَالَ:دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الطُّفَيْلِ،فَوَجَدْتُهُ طَيِّبَ النَّفْسِ،فَقُلْتُ:لَأَغْتَنِمَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ،فَقُلْتُ:يَا أَبَا الطُّفَيْلِ،النَّفَرُ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،مِنْ بَيْنِهِمْ،مَنْ هُمْ؟.الأثر رواه الإمام أحمد (39/ 212).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تحمل الطالب جفاء معلمه وسوء خلقه إن حصل

من آداب الطالب أن يصبر إذا بدا منه ذلك،ولا يغضب عليه،لأن المعلم بمنزلة الوالد،ولأن الطالب يحتاج إلى علم معلمه،فكان أنفع له أن يكون سليم الصدر على شيخه،وأن يبقى ولا ينصرف.

وقد بوب لهذه المسالة الخطيب في «جامعه» (1/222-223):(الرِّفْقُ بِالْمُحَدِّثِ،وَاحْتِمَالُهُ عِنْدَ الْغَضَبِ).ومن الآثار الثابتة التي ذكرها:

-عن الشَّافِعِيِّ،يَقُولُ:كَانَ يَخْتَلِفُ إِلَى الْأَعْمَشِ رَجُلَانِ،أَحَدُهُمَا كَانَ الْحَدِيثُ مِنْ شَأْنِهِ،وَالْآخَرُ لَمْ يَكُنِ الْحَدِيثُ مِنْ شَأْنِهِ،فَغَضِبَ الْأَعْمَشُ يَوْمًا عَلَى الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ الْحَدِيثُ،فَقَالَ الْآخَرُ:لَوْ غَضِبَ عَلَيَّ كَمَا غَضِبَ عَلَيْكَ لَمْ أَعُدْ إِلَيْهِ،فَقَالَ الْأَعْمَشُ:إِذَنْ هُوَ أَحْمَقُ مِثْلُكَ،يَتْرُكُ مَا يَنْفَعُهُ لِسُوءِ خُلُقِي.

عن الشَّافِعِيِّ قال:قِيلَ لِسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ:إِنَّ قَوْمًا يَأْتُونَكَ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ تَغْضَبُ عَلَيْهِمْ،يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبُوا وَيَتْرُكُوكَ قَالَ:هُمْ حَمْقَى إِذَنْ مِثْلُكَ أَنْ يَتْرُكُوا مَا يَنْفَعُهُمْ لِسُوءِ خُلُقِي.

وروى الخطيب في «شرف أصحاب الحديث» (133) عن مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ،قَالَ:كَانَ الْأَعْمَشُ لَا يَدَعُ أَحَدًا يَقْعُدُ بِجَنْبِهِ.فَإِنْ قَعَدَ إِنْسَانٌ،قَطَعَ الْحَدِيثَ وَقَامَ.وَكَانَ مَعَنَا رَجُلٌ،يَسْتَثْقُلُهُ.قَالَ:فَجَاءَ،فَجَلَسَ بِجَنْبِهِ،وَظَنَّ أَنَّ الْأَعْمَشَ لَا يَعْلَمُ.وَفَطِنَ الْأَعْمَشُ،فَجَعَلُ يَتَنَخَّمُ،وَيَبْزُقَ عَلَيْهِ،وَالرَّجُلُ سَاكِتٌ،مَخَافَةَ أَنْ يَقْطَعَ الْحَدِيثَ.والأثر حسن.

وهذا من همة السلف ومحبتهم ورغبتهم الشديدة للعلم النافع،ولهذا يصبرون على ذلة العلم،وقد يكون هذا فيه فائدة للطالب تتعلق بحفظ المعلومة ورسوخها(فإن رسوب العلم في نفراته)،فعلى الطالب أن يتحلى بالصبر إذا وجد بعض الجفاء.

وبعض الطلاب إذا وجد جفاء وشدة ينصرف لضعف الهمة،وهذا هو الغالب في أزمنتنا،لكن صاحب الهمة العالية يصبر ويحتمل،و لا ينصرف.

وقد كان والدي رحمه الله يغضبُ إذا تخلف أحدٌ عن الدروس العامة لغير عذر مرضٍ أو نحوه،وذات مرَّةٍ تخلَّف طالبٌ عنِ الدرس -أعرف اسمه ونسبته لكن الستر أولى- فسمعنا والدي يسأل عنه فقالوا:يبحث.

فقال كلمةً قويَّةً:لا باركَ الله فيه ولا في بحثه.

فقرر الطالبُ السفر لأجل ذلك،كما أخبرتني زوجته،مع أنه يعلم شرطَ والدي في قبول الطالب أن يلتزم بحضور الدروس العامة حتى يستفيد،ويُعْلَم أنه طالبُ علم ليس بمتلاعب.ثم أخبرتني أهله أنه عزم على البقاء.

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تأويل أقوال المعلم وأفعاله التي ظاهرها الفساد تأويلات صحيحة

يعني:إذا وجد الطالب هذا فعليه أن يحمله على أحسن محمل:إحسانًا للظن به،وإذا كان هذا من حق المسلم على أخيه المسلم،فالمعلم يكون أولى وأولى.

وقد استنبط الإمام النووي في «شرح صحيح مسلم» (15/137) من قصة موسى والخضر،وقال:فيه الْأَدَبُ مَعَ الْعَالِمِ وَحُرْمَةُ الْمَشَايِخِ..وَتَأْوِيلُ مَا لَا يُفْهَمُ ظَاهِرُهُ مِنْ أَفْعَالِهِمْ وَحَرَكَاتِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ وَالْوَفَاءُ بِعُهُودِهِمْ وَالِاعْتِذَارُ عِنْدَ مُخَالَفَةِ عَهْدِهِمْ.اهـ.

وروى البخاري (6303) من طريق سُفْيَانَ،عن عمرو بن دينار قَالَ ابْنُ عُمَرَوَاللَّهِ مَا وَضَعْتُ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ،وَلاَ غَرَسْتُ نَخْلَةً،مُنْذُ قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم» قَالَ سُفْيَانُ:فَذَكَرْتُهُ لِبَعْضِ أَهْلِهِ،قَالَ:وَاللَّهِ لَقَدْ بَنَى.قَالَ سُفْيَانُ:قُلْتُ:فَلَعَلَّهُ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ.

قال الحافظ:هَذَا اعْتِذَارٌ حَسَنٌ مِنْ سُفْيَانَ رَاوِي الْحَدِيثِ،وَيحْتَمل أن يكون ابن عُمَرَ نَفَى أَنْ يَكُونَ بَنَى بِيَدِهِ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،وَكَانَ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم فِعْلُ ذَلِكَ،وَالَّذِي أَثْبَتَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ كَانَ بَنَى بِأَمْرِهِ فَنَسَبَهُ إِلَى فِعْلِهِ مَجَازًا،وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بِنَاؤُهُ بَيْتًا مِنْ قَصَبٍ أَوْ شَعْرٍ،وَيَحْتَمِلُ ان يكون الَّذِي نَفَاهُ ابن عُمَرَ مَا زَادَ عَلَى حَاجَتِهِ،وَالَّذِي أَثْبَتَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِنَاءُ بَيْتٍ لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ أَوْ إِصْلَاحُ مَا وَهَى مِنْ بَيْتِهِ.

وينبغي للمعلِّم أن يخبرهم عن الأفعال والتصرفات التي ظاهرها خلاف الصواب:

فعن سهل بن سعدٍ الساعدي،قال:لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ عَلَيْهِ -أي:على المنبر- فَكَبَّرَ وَكَبَّرَ النَّاسُ وَرَاءَهُ،وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ،ثُمَّ رَفَعَ فَنَزَلَ الْقَهْقَرَى حَتَّى سَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ،ثُمَّ عَادَ،حَتَّى فَرَغَ مِنْ آخِرِ صَلَاتِهِ،ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ،فَقَالَيَا أَيُّهَا النَّاسُ،إِنِّي صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي،وَلِتَعَلَّمُوا صَلَاتِي» رواه البخاري(377ومسلم (544).

وعن علي بن أبي طالب أنه«شَرِبَ قَائِمًا» فَقَالَ:إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُ أَحَدُهُمْ أَنْ يَشْرَبَ وَهُوَ قَائِمٌ،وَإِنِّي «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ كَمَا رَأَيْتُمُونِي فَعَلْتُ»رواه البخاري(5615)،والشرب قائمًا مكروه،ولكن هذا لبيان الجواز.

فإن لم يخبر الشيخُ عن سببِ ذلك فينبغي للطالبِ أن يسأله بتلطُّفٍ وأدبٍ.

عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ،يَقُولُ:دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعْبِ نَزَلَ فَبَالَ،ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَمْ يُسْبِغِ الوُضُوءَ فَقُلْتُ:الصَّلاَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ،فَقَالَالصَّلاَةُ أَمَامَكَ» رواه البخاري(139ومسلم (1280).

عَنْ سَعْد بن أبي وقاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى رَهْطًا وَسَعْدٌ جَالِسٌ،فَتَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا هُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ،فَقُلْتُ:يَا رَسُولَ اللَّهِ،مَا لَكَ عَنْ فُلاَنٍ فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا.الحديث رواه البخاري(27ومسلم (150).

عن بريدة بن الحصيب،أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلمصَلَّى الصَّلَوَاتِ يَوْمَ الْفَتْحِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ،وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ» فَقَالَ لَهُ عُمَرُ:لَقَدْ صَنَعْتَ الْيَوْمَ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَصْنَعُهُ،قَالَعَمْدًا صَنَعْتُهُ يَا عُمَرُ» رواه مسلم (277).

 (تأويلات صحيحة) هذا القيد يفيد أنه:لا يكون في التأويلات مجازفة أو تكون مستحيلة.

ولهذا يقول الإمام الذهبي في «تاريخ الإسلام» (49/286):وإن فتحنا باب الاعتذار عن المقالات وسلكنا طريقة التّأويلات المستحيلات لم يبقَ في العالَمِ كُفْرٌ ولا ضلال،وبَطَلَت كُتُبُ المِلَل والنِّحَل واختلاف الفِرَق.اهـ.

ونستفيد من كلام الذهبي:أن مَنْ عُلِم انحرافه وتبديله فهذا لا يلتمس له العذر ولا كرامة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المبادرة بالاعتذار للمعلم

هذ من آداب الطالب إذا جفاه معلِّمُه أن يبادر بالاعتذار وكأنه هو المخطئ.

قال الإمام النووي رحمه الله:(وَإِذَا جَفَاهُ الشَّيخُ ابتَدَأَ هُوَ بِالاِعتِذَارِ إِلَى الشَّيخِ،وَأَظهَرَ أَنَّ الذَّنبَ لَهُ وَالعَتَبَ عَلَيهِ،فَذَلِكَ أَنفَعُ لَهُ فِي الآخِرَةِ وَالدُّنيَا،وَأَنقَى لِقَلبِ شَيخِهِ لَهُ وَقَد قَالُوا:مَن لَم يَصبِر عَلَى ذُلِّ التَّعَلُّمِ بَقِيَ عُمَرُهُ فِي عَمَايَةِ الجَهالَةِ،وَمَن صَبَرَ عَلَيهِ،آلَ أَمرُهُ إِلَى عِزِّ الآخِرَةِ وَالدُّنيَا)

وإذا كان الطالب يعتذر لمعلمه وإن لم يحصل منه خطأ،فكيف إذا كان الخطأ فِعْلًا صدر من الطالب؟

ذات مرة كان والدي يتحدث عن مسألةٍ اجتهادية يرى التحريم فيها،فاستأذن طالبٌ -أعرف اسمه ونسبتَه- فوقف،وقال:أنت ترجِّح هذا فيلزمك أيضًا أن تقول بتحريم كذا وكذا،فقال له:اجلس.ثم بعد أيام عرف أنه أساء،وأن الشيخ قد وجد عليه،فدخل بيته واعتذر لوالدي مما حصل منه.

وقد سمعته رحمه الله في بعض مجالسه يقول:الإلزام ليس بلازمٍ في كلام البشر،كيف يُلزم بشيءٍ وهو لا يقرُّ به.