جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 23 يونيو 2020

(2)من أحكام الجنائز

مستريح ومستراح منه

عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الأَنْصَارِيِّ،رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرَّ عَلَيْهِ بِجِنَازَةٍ، فَقَالَ: «مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا المُسْتَرِيحُ وَالمُسْتَرَاحُ مِنْهُ؟ قَالَ: «العَبْدُ المُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالعَبْدُ الفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ العِبَادُ وَالبِلاَدُ، وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ»رواه البخاري(6512)،ومسلم (950).

 

قال النووي في شرح هذا الحديث:مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْمَوْتَى قِسْمَانِ مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ.

وَنَصَبُ الدُّنْيَا تَعَبُهَا.

 وَأَمَّا اسْتِرَاحَةُ العباد مِنَ الْفَاجِرِ مَعْنَاهُ: انْدِفَاعُ أَذَاهُ عَنْهُمْ. وَأَذَاهُ يَكُونُ مِنْ وُجُوهٍ:

 مِنْهَا: ظُلْمُهُ لَهُمْ.

 وَمِنْهَا: ارْتِكَابُهُ لِلْمُنْكَرَاتِ فَإِنْ أَنْكَرُوهَا قَاسَوْا مَشَقَّةً مِنْ ذَلِكَ،وَرُبَّمَا نَالَهُمْ ضَرَرُهُ وَإِنْ سَكَتُوا عَنْهُ أَثِمُوا. وَاسْتِرَاحَةُ الدَّوَابِّ مِنْهُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يؤذيها ويضربها وَيُحَمِّلُهَا مَا لَا تُطِيقُهُ وَيُجِيعُهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.اهـ

وفيه من الفوائد:

أن دار الدنيا دار متاعب ومصائب،وكما قال الله عزوجل:﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4)﴾[البلد].

أن مآل الإنسان إلى الموت.

 فعليه أن يستعدَّ للقاء ربِّه بالتوبة والإنابة والعمل الصالح.

أن الموتى على قسمين:مستريح ومستراح منه.

أن المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأحزانها عند خروجه منها بالموت.

أن موت الكافر رحمة من الله  للبلاد والعباد والشجر والدواب.

حث المؤمن أن يكون من أهل الراحة.

فعليه أن يسلك طريق الجنة وأن يبتعد عن طريق الشقاوة ليكون من أهل الراحة والسعادة.

ولنتذكر هذا الدعاء النبوي:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «اللهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ»رواه مسلم (2720).

وكذلك دعاء(وأسألك برد العيش بعد الموت).

عنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ،رضي الله عنه كَانَ يَقُولُاللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَبَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَلَذَّةَ النَّظَرِ فِي وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ مِنْ غَيْرِ ضَرَّاءٍ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ.

وَزَعَمَ أَنَّهَا دَعَوَاتٌ كَانَ يَدْعُو بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رواه ابن أبي عاصم في السنة (427)

فضل الإيمان.

الترهيب من الكفر والفجور وأنه من أسباب الأذى والمتاعب للبلاد والعباد،وكما قال تعالى:﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41)﴾[الروم].

الحث على الزهد في الدنيا.

فإذا علم العبد أنه مفارقٌ لهذه الحياة الدنيا اليوم أو غدًا فإنه يحمله على الاستعداد والتهيؤ لدار المعاد بالطاعة والعبادة.

 

اللهم ارحمنا وارحم آباءنا واغفر لهم.

اللهم اجعلنا من المستريحين الفائزين.