استحباب هذا الذكر في
قراءة القرآن في قيام الليل
عَنْ
حُذَيْفَةَ، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ،
ثُمَّ مَضَى، فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ، فَمَضَى، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ
بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ، فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ،
فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ،
وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ
رَكَعَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ»، فَكَانَ رُكُوعُهُ
نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ»، ثُمَّ
قَامَ طَوِيلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ
رَبِّيَ الْأَعْلَى»، فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ. قَالَ: وَفِي
حَدِيثِ جَرِيرٍ مِنَ الزِّيَادَةِ، فَقَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ
رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ»رواه
مسلم(772).
عَنْ
عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: قُمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً، فَقَامَ فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، لَا
يَمُرُّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إِلَّا وَقَفَ فَسَأَلَ، وَلَا يَمُرُّ بِآيَةِ عَذَابٍ
إِلَّا وَقَفَ فَتَعَوَّذَ، قَالَ: ثُمَّ رَكَعَ بِقَدْرِ قِيَامِهِ، يَقُولُ فِي
رُكُوعِهِ: «سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ
وَالْعَظَمَةِ»، ثُمَّ سَجَدَ بِقَدْرِ قِيَامِهِ، ثُمَّ قَالَ فِي سُجُودِهِ
مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ بِآلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَرَأَ سُورَةً
سُورَةً.رواه أبو داود(873).
نستفيد
من مجموعِ هذَين الحديثَينِ:
استحباب التسبيح
في قيام الليل عند المرور بآية تسبيح ،والسؤال عند آية رحمة ،والتعوذ عند آية
تعوذ.
وهذا
الذي استفدته من والدي الشيخ مقبل رحمه الله استحبابه في نافلة الليل،كما ورد في
الدليل،فقد جاء من فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في صلاة الليل.
وعدَّاه
بعضُ أهل العلم فجعله مستحبًّا عند كل قراءة.
قال النووي
في شرح حديث حذيفة من «شرح صحيح مسلم»:فِيهِ اسْتِحْبَابُ هَذِهِ الْأُمُورِ
لِكُلِّ قَارِئٍ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا،وَمَذْهَبُنَا اسْتِحْبَابُهُ
لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْمُنْفَرِدِ.
وزاد النووي في «المجموع»(4/67):وَقَالَ بمذهبنا جمهور العلماء من
السلف ممن بعدهم.
وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: يُكْرَهُ السُّؤَالُ عِنْدَ آيَةِ الرَّحْمَةِ
وَالِاسْتِعَاذَةُ فِي الصَّلَاةِ.اهـ
وهذا
الذي ذهب إليه أبو حنيفة يرده الدليل،كما ترى.
وفيه
تربية للمصلي أن يصلي بحضور ذهن وتدبُّر.
هذا
الأدب يعين على التدبر والتأمُّل في الآيات وما فيها من المواعظ والأوامر والنواهي
والأحكام.
ويعين
على عرض الإنسان حاله ونفسه على أخلاق القرآن،فما كان مقصِّرًا فيه أناب ورجع إلى
ربه.
اللهم
انفعنا بالقرآن واجعله نورًا لنا وهدى.