الدرس الثالث
قال أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد المشهور بابن قدامة:
في عمدة الفقه ( كتاب الصيام ):
وإذا رأى الهلالَ وحده صام
فإن كان عدلا صام الناس بقوله.
الشرح
هاتان مسألتان :
الأولى : إذا رأى واحد هلال رمضان ولم يُقبل خبرُه إما لأنه غيرُ
عدلٍ،أو لسببٍ آخر فعند الإمام أحمد في رواية يصوم وحده.
لقول النبي صلى عليه وسلم:«صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا
لِرُؤْيَتِهِ.. » رواه البخاري (1909)،ومسلم (1081) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ.
والصحيح أنه لا يصوم وحده وإنما يصوم مع الناس لما رواه الترمذي(697)عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصَّوْمُ
يَوْمَ تَصُومُونَ، وَالفِطْرُ يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وَالأَضْحَى يَوْمَ
تُضَحُّونَ».والحديث صحيح.
قَالَ الترمذي عقِبَه:إِنَّمَا مَعْنَى هَذَا أَنَّ الصَّوْمَ
وَالفِطْرَ مَعَ الجَمَاعَةِ وَعُظْمِ النَّاسِ.اهـ
وهذا قول
أحمد في روايةٍ عنه،وهو قول الشيخ الألباني في «تمام المنة »(399).
ونقل
الشيخ الألباني عن ابن تيمية أنه قال:لكن من كان في مكان ليس فيه غيره إذا رآه صام
فإنه ليس هناك غيره.اهـ
والصوم
مع الناس والفطر معهم فيه جمع لكلمة المسلمين وتوحيد صفهم.
الثانية : متى ثبت خبر الواحد العدلٍ في رؤية هلال رمضان وجب الصيام.
والدليل عن ابنِ عمرَ قال :
تراءَى النَّاسُ الهلالَ فأخبرتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ أنِّي
رأيتُه فَصامَه وأمر النَّاسَ بصيامِهِ.رواه أبو داود(2342).
العدل:من
له مَلَكَةٌ تحمله على ملازمة التقوى والمروءة.
(المرأة تخبر أنها رأت هلال رمضان)
ظاهر
عبارة ابن قدامة يشمل قبول خبر المرأة إذا أخبرت برؤية هلال رمضان.
وهو قول أبي حنيفة وأحد
الوجهين عند الشافعية، قالوا: لأنه خبر ديني فأشبه الرواية.
يعني:قاسوا
خبر المرأة في رؤية هلال رمضان على قبول روايتها،فكما يُقبل رواية المرأة كذلك يقبل
خبرها في رؤية هلال رمضان.
والصحيح
أنه لا يُقبل خبر المرأة في رؤية الهلال كما أفتى بذلك الشيخ ابن باز في «مجموع
الفتاوى» (15/ 62)،قال رحمه الله:الأرجح عدم قبولها في هذا الباب، لأن هذا المقام
من مقام الرجال، ومما يختص به الرجال ويشاهده الرجال، ولأنهم أعلم بهذا الأمر
وأعرف به.
وكذا استفدنا من والدي الشيخ مقبل،فقد كان يقول
رحمه الله:تعمل المرأة برؤيتها هي، وأما عموم الناس فلا، لأن شهادة المرأة نصف
شهادة الرجل، والله أعلم.
انتهى الدرس الثالث،ولله الحمد والمنة.