جديد الرسائل

الثلاثاء، 14 أبريل 2020

(1)دروس مختصرة في الصيام من كتاب عمدة الفقه الحنبلي


الدرس الأول: كتاب الصيام من عمدة الفقه الحنبلي لابن قدامة رحمه الله

قال أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد المشهور بابن قدامة:

 كتاب الصيام

( يجب صيام رمضان على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم ،ويؤمر به الصبي إذا أطاقه ).

تعريف الصيام لغةً و اصطلاحًا :

لغةً : الإمساك ، مثل السكوت عن الكلام،والوقوف من غير مشي،وترك الأكل والشرب.ومنه صيام الخيل إذا وقفت من غير أكل ولا حركة.

اصطلاحًا : الإمساك عن جميع المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية التعبد لله تعالى .

[الذي يجب عليه الصوم]

قوله ( يجب الصيام على كل مسلم بالغ عاقل قادر )

هذه المسألة في بيان مَن  يلزمه الصوم.

فالصوم يلزم كل: مسلم بالغ عاقل قادر

قوله رحمه الله:مسلم.

 هذا القيد يخرج الكافر.قال تعالى:﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)﴾[البقرة].

قال ابن القاسم في «حاشية الروض المربع»(3/367):الضمير عائد إلى المسلم، دون الكافر إجماعًا.اهـ المراد

تنبيه:مرادهم بقول:الصوم لا يجب على كافر:معناه أنه لا يخاطَب بفعله، ولا يجب عليه قضاؤه إذا أسلم.كذا في «شرح العمدة»(41)لشيخ الإسلام.

فلا يُلزم بالصوم في حال كفره إذ لا يصح منه،ولكنه يُعاقَب على تركه.

قوله:بالغ.أخرج الصبي.

قوله:عاقل.أخرج المجنون.

والدليل عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:«رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ، أَوْ يُفِيقَ».روه ابن ماجه (2041)،والنسائي (3432).

ومعنى ( رفع القلم )أي: قلم التكليف.

ولا تصح العبادة من المجنون إذ  لا نية له،والعبادة تحتاج إلى نية،وأما الصبي المميز فتصح منه العبادة.قال الرُّعيني المالكي في«شرح مختصر خليل»(2/479):لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الصَّبِيَّ يُثَابُ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ مِنْ الطَّاعَاتِ وَيُعْفَى عَمَّا يَجْتَرِحُهُ مِنْ السَّيِّئَاتِ وَأَنَّ عَمْدَهُ كَالْخَطَأِ.

قوله:قادر.أخرج العاجز عن الصيام.

والعاجز عن الصيام:

 إما لسببٍ طارئ وهو المريض الذي يُرجى برءُ مرضِه وعافيته،وهذا عليه القضاء وقت الاستطاعة.قال تعالى:﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾[البقرة:184].

أو لسببٍ دائم كالكبير في السن،والمريض الذي لا يُرجى برؤه.

قال تعالى:( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )[ التغابن:18].

وقال:(لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ) [ البقرة:233].

وهذا فيه الفدية ،يُطعَم عن كلِّ يومٍ مسكينٌ عند جمهور العلماء.



قوله:ويؤمر به الصبي إذا أطاقه.

هذا الأمر للاستحباب لتمرينه وترويضه على عبادة الصيام.عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ،قَالَتْ-عن صيام يوم عاشوراء-:كُنَّا نَصُومُهُ،وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ،فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ.رواه البخاري (1960)، ومسلم (1136).

وقَيْد:إذا أطاقه.يُخرج إذا لم يُطِقْه بحيث يشق عليه،بخلاف أمره بالصلاة(لأن الصوم أشق،فاعتُبِرَت له الطاقة لأنه قد يطيق الصلاة من لا يطيق الصوم)ما بين القوسين من«حاشية الروض المربع»(3/368).  

انتهى الدرس الأول ولله الحمد.