الدرس
الأول: كتاب الصيام من عمدة الفقه الحنبلي لابن قدامة رحمه الله
قال أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد المشهور بابن قدامة:
كتاب الصيام
( يجب صيام رمضان على كل مسلم
بالغ عاقل قادر على الصوم ،ويؤمر به الصبي إذا أطاقه ).
تعريف الصيام لغةً و
اصطلاحًا :
لغةً : الإمساك ، مثل
السكوت عن الكلام،والوقوف من غير مشي،وترك الأكل والشرب.ومنه صيام الخيل إذا وقفت
من غير أكل ولا حركة.
اصطلاحًا : الإمساك
عن جميع المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس بنية التعبد لله تعالى .
[الذي يجب عليه
الصوم]
قوله ( يجب الصيام على كل مسلم بالغ عاقل
قادر )
هذه المسألة في بيان
مَن يلزمه الصوم.
فالصوم يلزم كل: مسلم بالغ عاقل قادر
قوله رحمه الله:مسلم.
هذا القيد يخرج الكافر.قال
تعالى:﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا
كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)﴾[البقرة].
قال ابن القاسم في
«حاشية الروض المربع»(3/367):الضمير
عائد إلى المسلم، دون الكافر إجماعًا.اهـ المراد
تنبيه:مرادهم بقول:الصوم
لا يجب على كافر:معناه أنه لا يخاطَب بفعله، ولا يجب عليه قضاؤه إذا أسلم.كذا
في «شرح العمدة»(41)لشيخ الإسلام.
فلا يُلزم بالصوم في
حال كفره إذ لا يصح منه،ولكنه يُعاقَب على تركه.
قوله:بالغ.أخرج
الصبي.
قوله:عاقل.أخرج
المجنون.
والدليل عَنْ
عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:«رُفِعَ
الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ
الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبَرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ، أَوْ يُفِيقَ».روه
ابن ماجه (2041)،والنسائي (3432).
ومعنى ( رفع القلم
)أي: قلم التكليف.
ولا تصح العبادة من
المجنون إذ لا نية له،والعبادة تحتاج إلى
نية،وأما الصبي المميز فتصح منه العبادة.قال الرُّعيني المالكي في«شرح مختصر
خليل»(2/479):لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الصَّبِيَّ يُثَابُ
عَلَى مَا يَفْعَلُهُ مِنْ الطَّاعَاتِ وَيُعْفَى عَمَّا يَجْتَرِحُهُ مِنْ
السَّيِّئَاتِ وَأَنَّ عَمْدَهُ كَالْخَطَأِ.
قوله:قادر.أخرج
العاجز عن الصيام.
والعاجز عن الصيام:
إما لسببٍ طارئ وهو المريض الذي يُرجى برءُ مرضِه
وعافيته،وهذا عليه القضاء وقت الاستطاعة.قال تعالى:﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ
مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾[البقرة:184].
أو لسببٍ دائم
كالكبير في السن،والمريض الذي لا يُرجى برؤه.
قال تعالى:( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )[ التغابن:18].
وقال:(لَا
تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ) [ البقرة:233].
وهذا فيه الفدية
،يُطعَم عن كلِّ يومٍ مسكينٌ عند جمهور العلماء.
قوله:ويؤمر
به الصبي إذا أطاقه.
هذا
الأمر للاستحباب لتمرينه وترويضه على عبادة الصيام.عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ
مُعَوِّذٍ،قَالَتْ-عن صيام يوم عاشوراء-:كُنَّا نَصُومُهُ،وَنُصَوِّمُ
صِبْيَانَنَا، وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ العِهْنِ،فَإِذَا بَكَى
أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ
الإِفْطَارِ.رواه البخاري (1960)،
ومسلم (1136).
وقَيْد:إذا
أطاقه.يُخرج إذا لم يُطِقْه
بحيث يشق عليه،بخلاف أمره
بالصلاة(لأن الصوم أشق،فاعتُبِرَت له الطاقة لأنه قد يطيق الصلاة من لا يطيق
الصوم)ما بين القوسين من«حاشية
الروض المربع»(3/368).
انتهى الدرس الأول
ولله الحمد.