جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 27 نوفمبر 2019

(104) سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ


من أشراط الساعة خروج يأجوج ومأجوج

خروج يأجوج ومأجوج من علامات الساعة  الكبرى . يقول الله تعالى:﴿حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96) وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَاوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ (97)﴾،وروى الإمام مسلم (2901) عَنْ أَبِي سَرِيحَةَ  رضي الله عنه

أن النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:«إِنَّ السَّاعَةَ لَا تَكُونُ حَتَّى تَكُونَ عَشْرُ آيَاتٍ: وذكر منها: وَالدَّجَّالُ، وَدَابَّةُ الْأَرْضِ، وَيَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ».

فهذه الأمة المفسدة تخرج في آخر الزمان في زمن عيسى وإثر قتل عيسى للدجال.

من أوصاف يأجوج ومأجوج:

- أمة قوية جبَّارة ولا طاقة لأحدٍ بقتالهم. روى مسلم (2937) عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ في حديث طويل وفيه «فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللهُ إِلَى عِيسَى: إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي، لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ وَيَبْعَثُ اللهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ».

«لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ»أي: لا طاقة ولا قدرة لأحد بقتالهم لشراستهم وقوتهم.

« فَحَرِّزْ عِبَادِي » أي: ضم عبادي لجبل الطور.

-هذه الأمة كثيرة لا يعلم عددها إلا الله فعن أبي سعيد الخدري قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يَا آدَمُ فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، قَالَ يَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ قَالَ: فَذَاكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ " قَالَ: فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ؟ فَقَالَ: «أَبْشِرُوا فَإِنَّ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا، وَمِنْكُمْ رَجُلٌ»متفق عليه.

-وهذا الحديث يدل على أنهم من ذرية آدم عليه الصلاة والسلام.

 -ومن أوصافهم الفساد والإفساد قال تعالى ﴿قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض﴾[ 94: الكهف]،وقال سبحانه:﴿وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ (96)﴾أي:يسرعون بالمشي إلى الفساد.كما في تفسير ابن كثير.

-أنهم يخترقون السدَّ المنيع في آخر الزمان  الذي بناه ذو القرنين، وذو القرنين بلغ ملكه مشارق الأرض ومغاربها لما بلغ بين السدين وجد من دونهما قومًا متخوفين من يأجوج ومأجوج كما قص الله عز وجل في كتابه الكريم: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا (93) قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا (94) قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95) آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (96) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (97)﴾[97 :الكهف]استغاث هؤلاء القوم بذي القرنين أن يجعل بينهم وبين أولئك سدًّا محكمًا اتقاء لشرهم وفسادهم وعرضوا عليه الأُجرة مقابل ذلك،﴿ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا ﴾ أي: جُعلًا ومالًا فأبى ذو القرنين أخذ المال منهم بعفة ونزاهة،ولكن طلب منهم المساعدة بأبدانهم ومناولة آلات البناء ﴿ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ﴾ أي: قطع الحديد،﴿ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ﴾ بنى بناء عظيمًا ساواه بالجبال الشامخات لمنع خروج  يأجوج ومأجوج،﴿ فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ ﴾ أي: يصعدوا عليه  ﴿وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ﴾ النقب: الفتح أي: ما استطاعوا أن يفتحوا منه فتحة،ولكن في آخر الزمان يكون لهم القدرة على الفتح كما روى الترمذي (3153)،وأحمد (10632) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:« إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ لَيَحْفِرُونَ السَّدَّ كُلَّ يَوْمٍ، حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ، قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ: ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ غَدًا، فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ كَأَشَدِّ مَا كَانَ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ، وَأَرَادَ اللهُ أَنْ يَبْعَثَهُمْ عَلَى النَّاسِ، حَفَرُوا، حَتَّى إِذَا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْسِ، قَالَ الَّذِي عَلَيْهِمْ: ارْجِعُوا فَسَتَحْفِرُونَهُ غَدًا، إِنْ شَاءَ اللهُ، وَيَسْتَثْنِي، فَيَعُودُونَ إِلَيْهِ وَهُوَ كَهَيْئَتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ، فَيَحْفِرُونَهُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاس».

 -أنهم من إفسادهم عند خروجهم أنهم يأكلون الأخضر واليابس ويشربون المياه،ويبتلى عيسى والمؤمنون معه ابتلاءً شديدًا،فهم في مجاعة شديدة ومشقة عظيمة حتى إنه يكون رأس الثور لأحدهم خير من مائة دينار كما في صحيح مسلم.وذلك لشدة المجاعة،وبعد أن تمر هذه الأمة المفسدة على البلاد يرون أنهم قد قضوا على كل شيء فيقولون: لم يبق إلا أهل السماء «فَيَرْمُونَ بِسِهَامِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ، فَتَرْجِعُ وَعَلَيْهَا كَهَيْئَةِ الدَّمِ، فَيَقُولُونَ: قَهَرْنَا أَهْلَ الْأَرْضِ، وَعَلَوْنَا أَهْلَ السَّمَاءِ».

-هلاكهم  بسبب دعاء نبي الله عيسى وأصحابه  وتضرعهم إلى ربهم كما روى مسلم(2937)عن النواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم ..الحديث وفيه،«فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، فَيُرْسِلُ اللهُ عَلَيْهِمُ النَّغَفَ فِي رِقَابِهِمْ، فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَلَا يَجِدُونَ فِي الْأَرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا مَلَأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللهِ، فَيُرْسِلُ اللهُ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ مَطَرًا لَا يَكُنُّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ، فَيَغْسِلُ الْأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ، ثُمَّ يُقَالُ لِلْأَرْضِ: أَنْبِتِي ثَمَرَتَكِ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ..».

وهذه العلامات والأوصاف مما يجب على كل مسلم أن يتقبل ذلك ويؤمن به،وهذا من الإيمان بالغيب الذي مدح الله عَزَّ وَجَل المؤمنين به كما قال تعالى﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3)﴾[3 : البقرة] وقد أنكر بعض العقلانيين وجود يأجوج ومأجوج بشبهة أنهم اكتشفوا واطلعوا فلم يجدوهم وهذا كفر بالقرآن الكريم وقد قال تعالى:﴿ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ(47)﴾ [العنكبوت:47]. وقال تَعَالَى:﴿ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ (49)﴾[49: العنكبوت].