جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 5 يونيو 2019

(10)تربيةُ الأَولَادِ


هذه مجموعة من الأدعية من القرآن الكريم في صلاح الأولاد وحمايتهم من الفساد.أسأل الله أن ينفعَ بها.



1.          الدعاء للولد وذريته بالحفظ والصيانة من الشيطان الرجيم.قال تعالى في شأن مريم وأمها:﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36)}[آل عمران].

قال السعدي في «تفسيره»(128):دعت لها ولذريتها أن يعيذهم الله من الشيطان الرجيم.اهـ

ونستفيد من الآية:أهمية الدعاء للولد من حين ولادته وتعويذه من مكايد الشيطان وأعوانه،أعاذنا الله وإياكم منهم.

وقد استجاب الله هذه الدعوة المباركة لأم مريم  فأعاذ ابنتها مريم وحفظها وصانها وولدها عيسى من الشيطان الرجيم.


ولا مانع أن يستعيذ الإنسان أولًا لنفسه فيقول مثلًا:اللهم إني أعيذ  نفسي بك وأولادي وذريتهم من الشيطان الرجيم.


ونستفيد من الآية:حث الأبوين على الدعاء للأولاد بالصلاح والرشاد.فقد نالت مريم وذريتها هذا الصلاح ببركة دعاء وتعويذ أمها لها،وصارت من أفضل النساء،كما روى البخاري(3433)،ومسلم (2431)  عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم" كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ: إِلَّا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ".

وصار عيسى عبدالله ورسوله.فما أعظم شأن الدعاء في جلب الخير ودفع الضر ولا سيما دعاء الوالدين.


ونستفيد:الدعاء بصلاح ولد الولد.

وهذا من الأدعية المهمة أن يدعو الإنسان ربَّه صلاح الأولاد فمَن بعدهم،فيكون سِيْمَا لتلكَ الأُسرةِ أنها أُسرةُ دين وخُلُق وصِدْقٍ وأدبٍ وتقوى،إنهُ لشرفٌ عظيم،ورزق وسعادة ألَّا تتخطفهم الشبهات ولا الشهوات على مدى الأزمان.

2. سؤال الله للنفس والذرية الثبات على التوحيد واجتناب عبادة الطاغوت                                                                        قال تعالى:﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35)﴾[إبراهيم].



3. سؤال الله للنفس والذرية الثبات على إقامة الصلاة قال تعالى:﴿ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40)﴾[إبراهيم].

قال ابن القيم رحمه الله في«الصلاة وأحكام تاركها»(140) في معنى إقامة الصلاة:هو الإتيان بها قائمة تامة القيام والركوع والسجود والأذكار.

ولن تكاد تجد ذكر الصلاة في موضع من التنزيل إلا مقرونا بإقامتها فالمصلون في الناس قليل ومقيم الصلاة منهم أقل القليل.اهـ



4-سؤال الله أن يكون الولد مرضيًّا

قال تعالى في شأن زكريا عليه الصلاة والسلام عندما لجأ إلى  الله وسأله الولد بعد أن كبِر ورقَّ عظمه واشتعل رأسه بالشيب وكانت امرأته عاقرًا:﴿وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)﴾.

أَيْ: مَرْضِيًّا فِي أَخْلَاقِهِ وَأَفْعَالِهِ.كما في«فتح القدير»(3/381).

وقد استجاب الله له هذه الدعوة المباركة ورزقه يحيى الذي وصفه الله بقوله:﴿يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15)﴾[مريم]. 


هذه بعض أدعية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في صلاح الذرية وهدايتهم وثباتهم على الدين،والله عزوجل إذ يذكرها لبيان التأسِّي بهم والاهتداء بهديهم،قال تعالى:﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)﴾[يوسف].



5-  الدعاء أن الله يجعل الذرية قرة أعين

  قال تعالى في وصف عباد الرحمن:﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)﴾[الفرقان].

قال البغوي في«تفسيره»(3/459): يعني أَوْلَادًا أَبْرَارًا أَتْقِيَاءَ، يَقُولُونَ اجْعَلْهُمْ صَالِحِينَ فَتَقَرَّ أَعْيُنُنَا بِذَلِكَ.

قَالَ الْقُرَظِيُّ: لَيْسَ شَيْءٌ أَقَرَّ لِعَيْنِ الْمُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَرَى زَوْجَتَهُ وَأَوْلَادَهُ مُطِيعِينَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.اهـ

والسُّرورُ بالأهل والولد عنوان السعادة والراحة،ودليلٌ على وجود البركة  فيهم.

 قال القرطبي في تفسيره (13/82): وَذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا بُورِكَ لَهُ فِي مَالِهِ وَوَلَدِهِ قَرَّتْ عَيْنُهُ بِأَهْلِهِ وَعِيَالِهِ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ عِنْدَهُ زَوْجَةٌ اجْتَمَعَتْ لَهُ فِيهَا أَمَانِيُّهُ مِنْ جَمَالٍ وَعِفَّةٍ وَنَظَرٍ وَحَوْطَةٍ،أَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ ذُرِّيَّةٌ مُحَافِظُونَ عَلَى الطَّاعَةِ، مُعَاوِنُونَ لَهُ عَلَى وَظَائِفِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، لَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى زَوْجِ أَحَدٍ وَلَا إِلَى وَلَدِهِ، فَتَسْكُنُ عَيْنُهُ عَنِ الْمُلَاحَظَةِ، وَلَا تَمْتَدُّ عَيْنُهُ إِلَى مَا تَرَى، فَذَلِكَ حِينَ قُرَّةِ الْعَيْنِ، وَسُكُونِ النَّفْسِ.اهـ


6-الدعاء بصلاح الذرية

قال تعالى:﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)﴾[الأحقاف].



قال الشوكاني في فتح القدير(5/22):أَيِ: اجْعَلْ ذَرِّيَّتِي صَالِحِينَ رَاسِخِينَ فِي الصَّلَاحِ مُتَمَكِّنِينَ مِنْهُ.

وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ بَلَغَ عُمْرُهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَنْ يَسْتَكْثِرَ مِنْ هَذِهِ الدَّعَوَاتِ.اهـ



 هذه بعض الأدعية من القرآن الكريم .وينبغي أن يكون هذا هَمُّ كل مؤمن ومؤمنة صلاح الأولاد وهدايتهم وسعادتهم الحقيقية.



اللهم أصلحنا وأصلح أزواجنا وأولادنا واجعلهم قرة أعين.