جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 23 ديسمبر 2018

(5) فقهُ التَّعاملِ بين الزوجين


                 مِنْ أخلاق الرجل مع أهله



قال البخاري رحمه الله في كتاب الأدب من صحيحه :بَابٌ: كَيْفَ يَكُونُ الرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ.

ثم أخرج  برقم(6039) عَنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي أَهْلِهِ؟ قَالَتْ: «كَانَ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلةُ قَامَ إِلَى الصَّلاةِ».





قال:وفِيهِ التَّرْغِيبُ فِي التَّوَاضُعِ وَتَرْكِ التَّكَبُّرِ ،وَخِدْمَةُ الرَّجُلِ أَهْلَهُ اهـ



وقد جاء بعضُه مفسَّرًا في بعض الروايات.

فقد سُئِلْتْ عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ؟

 قَالَتْ: «كَانَ بَشَرًا مِنَ الْبَشَرِ يَفْلِي ثَوْبَهُ، وَيَحْلُبُ شَاتَهُ، وَيَخْدُمُ نَفْسَهُ» أخرجه أحمد (43/263).

وفي رواية عند أحمد (41/390)قَالَتْ:«كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ».


وزاد ابن حبان في رواية أخرى(5676)«وَيَرْقَعُ دَلْوَهُ».

قال المُناوي في«فيض القدير»(5/236): فيه ندبُ خدمة الإنسان نفسَه وأن ذلك لا يخلُّ بمنصبه وإن جلَّ .

وقال الشيخ الألباني رحمه الله في آداب الزفاف(290):ليس فيما سبق من وجوب خدمة المرأة لزوجها ما ينافي استحباب مشاركة الرجل لها في ذلك إذا وجد الفراغ والوقت،بل هذا من حسن المعاشرة بين الزوجين.اهـ



قلت:هذا هدي نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وسيرته الكريمة  وأخلاقه الرفيعة مع أهله ،-مع شواغله  فهو  إمام  المسلمين،وهو المجاهد ،وهو العابد وقد كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه، وهو الداعي إلى الله،وهو المعلِّم،وهو المُربِّي،وهو الذي يتفقد أحوال أصحابه،وهو الذي يقوم بالصلح بين المتخاصمين..-

هذه الأخلاق تكاد تكون معدومة حتى في بيوت أهل الصلاح والخير.

فعلى الزوجين أن ينظر كلُّ واحدٍ منهما في سيرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم العَطِرَة وطريقته وهديه،ثم الحرص على تطبيق ذلك،احتسابًا لا عادةً فقد قال تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)} [الأحزاب: 21].


وهذا مِنْ حُسْن المعاشرة،ومِنَ السعادة الزوجية،ومن تعظيم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله في فتح المجيد(227):«إنما يحصل تعظيم الرسول صلي الله عليه وسلم بتعظيم أمره ونهيه، والاهتداء بهديه، واتباع سنته، والدعوة إلى دينه الذي دعا إليه ونُصرته، وموالاة من عمل به، ومعاداة من خالفه».