بعض
ما يجتنبه الصائم
اجتناب
اللغو والكذب والغيبة والنميمة
عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ لَمْ
يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ
أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ». رواه البخاري (6057).
ومَن اجتنب آفات
اللسان وهو صائمٌ فقد وُفِّقَ وَوُقِيَ شرًّا كثيرًا.
عدم المبالغة في
الاستنشاق
لِمَا ثبت في «سنن أبي داود» (2366)
عَنْ لَقِيطِ بْنِ صَبْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ، إِلَّا أَنْ
تَكُونَ صَائِمًا».
قال ابن قدامة في «المغني» (1/77)
مَعْنَى الْمُبَالَغَةِ فِي الِاسْتِنْشَاقِ: اجْتِذَابُ الْمَاءِ بِالنَّفَسِ
إلَى أَقْصَى الْأَنْفِ، وَلَا يَجْعَلُهُ سَعُوطًا، وَذَلِكَ سُنَّةٌ
مُسْتَحَبَّةٌ فِي الْوُضُوءِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ صَائِمًا فَلَا يُسْتَحَبُّ،
لَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا. اهـ.
فلا ينبغي للصائم المبالغة في
الاستنشاق لِما يُخشى من نزول الماء إلى الحلق.
تذوق الطعام لغير
حاجة
لا ينبغي للصائم تذوق الطعام
لغير حاجة ،أما إذا كان لحاجة كالطبَّاخ هذا
لا بأس به من غيرِ أن يبتلِعَه، وقد أفتى
بهذا بعضُ السلف واستفدناهُ أيضًا من والدي رحمه الله.
والسببُ في المنع إذا كان لغير
حاجة.قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع(6/425):ووجه
هذا أنه ربما ينزل شيء من هذا الطعام إلى جوفه من غير أن يشعر به، فيكون في ذوقه
لهذا الطعام تعريض لفساد الصوم، وأيضًا ربما يكون مشتهيًا الطعام كثيرًا، ثم
يتذوقه لأجل أن يتلذذ به، وربما يمتصه بقوة، ثم ينزل إلى جوفه.اهـ
الحجامة لا سيما إذا كانت تضعفُ عن الصيام
عن ثَابِتٍ
البُنَانِيِّ، قَالَ: سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ؟
قَالَ: «لاَ، إِلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ»رواه
البخاري(1940).
قال الشوكاني
رحمه الله في نيل الأوطار(4/241)عن أدلة الحجامة للصائم وتركها:يُجْمَعُ بَيْنَ
الْأَحَادِيثِ بِأَنَّ الْحِجَامَةَ مَكْرُوهَةٌ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ يَضْعُفُ
بِهَا،وَتَزْدَادُ الْكَرَاهَةُ إذَا كَانَ الضَّعْفُ يَبْلُغُ إلَى حَدٍّ يَكُونُ
سَبَبًا لِلْإِفْطَارِ، وَلَا تُكْرَهُ فِي حَقِّ مَنْ كَانَ لَا يَضْعَفُ بِهَا،
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ تَجَنُّبُ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ أَوْلَى.اهـ
النوم
أكثر النهار
وذلك لأنه مضيعة
للوقت ويفوتُ بسببه مصالح ومنافع دينية ودنيوية وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى
آله وسلم:احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز..
قال الشيخ ابن عثيمين
رحمه الله في مجموع الفتاوى والرسائل(19/171): ينبغي
للصائم أن يشتغل بالصلاة والذكر والدعاء وقراءة القرآن الكريم حتى يجمع في صيامه
عبادات شتى، والإنسان إذا عوَّد نفسه ومرَّنَها على أعمال العبادة في حال الصيام
سهل عليه ذلك، وإذا عوَّد نفسه الكسل والخمول والراحة صار لا يألف إلا ذلك وصعُبت
عليه العبادات والأعمال في حال الصيام.
فنصيحتي لهذا ألا يستوعب وقت صيامه في نومه،
فليحرص على العبادة.اهـ
القُبْلَة
لِمن لم يأمن على نفسِه من إفسادِ صومه
إذا كان الصائم لا يأمن على
نفسه من الإنزال أو الجماع من تقبيلِ
امرأته والعكس فالواجب الابتعاد سدًّا
لذريعة الوقوع في المحرمات .روى البخاري (1927)،
ومسلم (1106) عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «...كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى،
يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ
حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ..».
قال ابن عبدالبر في
التمهيد(5/114)في الكلام على القُبلة للصائم:
لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَخَّصَ
فِيهَا لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَوَلَّدُ عَلَيْهِ مِنْهَا مَا يُفْسِدُ
صَوْمَهُ.اهـ.
أما إذا أمِن على نفسِه فهذا جائز .روى البخاري (1927)، ومسلم (1106) عَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ».
وروى أحمد (2241)عن ابْنِ عَبَّاسٍ«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُصِيبُ مِنَ الرُّءُوسِ، وَهُوَ صَائِمٌ».وهذا كناية
عن التقبيل.
مضغُ العِلْك ولو
كان صْلبًا لا يتحلل منه شيء
أما إذا كان يتحلل منه شيءٌ إلى
الحلق فهذا لم يختلف العلماء أنه مفطِّر
ولا يجوز للصائم.
وأما إذا كان صلبًا لا يتفتت
منه شيء ولا يصل إلى الحلق منه شيء فهذا فيه خلاف.والأَولَى تركُهُ
لِما يأتي من التعليل.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ في
الحاوي(3/461):قال الشافعي رحمه الله:"وأكره العلك لأنه يجلب الريق".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا
صَحِيحٌ وَإِنَّمَا كَرِهْنَاهُ، لِأُمُورٍ مِنْهَا:أنَّهُ يُجَمِّعُ الرِّيقَ،وَيَدْعُو
إِلَى الْقَيْءِ وَيُورِثُ الْعَطَشَ، وَلَا يَأْمَنُ أَنْ يَبْتَلِعَهُ فَإِنْ
مَضَغَهُ، وَلَمْ يَصِلْ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَى جَوْفِهِ فهو على صومه.اهـ
وقال الشيخ ابنُ عثيمين في
الشرح الممتع(6/425)في شرح عبارة زاد المستقنع:«ومضغ علك قوي» قال:أي: يكره للصائم
أن يمضغ علكًا قويًّا، والقوي هو الشديد الذي لا يتفتت، لأنه ربما يتسرب إلى بطنه
شيء من طعمه إن كان له طعم.
فإن لم يكن له طعم فلا وجه
للكراهة.
ولكن مع ذلك لا ينبغي أن يمضغه أمام الناس، لأنه
يساء به الظن إذا مضغه أمام الناس فما الذي يدريهم أنه علك قوي أو غير قوي، أو أنه
ليس فيه طعم أو فيه طعم ،وربما يقتدي به بعض الناس، فيمضغ العلك دون اعتبار الطعم،
وعلل ذلك في الروض بأنه يجلب البلغم، ويجمع الريق، ويورث العطش، فهذه ثلاث علل.اهـ