جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 16 مايو 2018

(49)مِنْ أَحْكَامِ الصِّيَامِ


                   
                        تذكير عن شهر رمضان المبارك

 لِنعلمَ أن من رحمة الله بعباده أن جعل لهم مواسم للعبادة تنشيطًا للنفوس لاستغلالها،وبعثًا إلى العزم والجد في الوصول إلى الكرامات والجنات.
إن شهر رمضان  اختصَّه الله  بنزول القرآن هداية للناس قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ (185)﴾[البقرة].

وشرع الله صيامه ليكون عونًا لهم على تقوى الله
قال الله عَزَّ وَجَلَّ:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة:183].

شهر رمضان تفتح فيه أبواب الجنة الثمانية وتغلق أبواب النار السبعة وتسلسل فيه الشياطين .
روى البخاري(3277)،ومسلم (1079) عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ».

شهر رمضان شهر الرحمة والمغفرة والتوبة
روى البخاري (38)، ومسلم (760) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
وروى مسلم (233)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ:«الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ».
وروى الترمذي(3545) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ».
دعا الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث على من أدركه رمضان وانتهى وهو لم يُغفر له لأن هذا دليل أنه محروم من الخير ،يفوته مغفرةُ الذنوب في هذا الشهر ويفوته الأجر والربح في شهرِ المغفرة والتوبة هذا دليل أنه بعيد عن الخير.

 شهر رمضان شهر العتق من النيران
روى ابن ماجه (1643)عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ» فالله سبحانه له عند كلِّ فطر من شهر رمضان عتقاء من النار.

 فعلينا أن نعرف قدر هذا الشهر المبارك  وأن نحرصَ على اغتنامه فهو شهر غنيمة وفرصة عظيمة.
ويجب على الصائم أن  يجتنب الكذب والغيبة والسباب وأذى الناس.
روى البخاري (6057) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ».
وروى البخاري (1904) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ".
هذه آداب يجب أن يراعيها الصائم،يجب على الصائم أن يصون لسانه عن اللغو وعما حرم الله عليه ويسخِّره في الذكر والاستغفار وقراءة القرآن ،ويصون سمعه فلا يسمع ما حرم الله كالغناء واللغو والغيبة والنميمة ،ويصون بصره عن النظر إلى النساء والمرأة إلى الرجال- في زمنٍ عمَّت فيه الفتنة وسهُل فيه نظر الرجال إلى النساء والنساء إلى الرجال-،ويصون قلبه من الدغل والحقد والحسد والبغضاء وغير ذلك من أعمال القلوب.
وبذلك يحافظ الصائم على صيامه من نقص الثواب روى أحمد (8856) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ».

بعض الصائمين ليس لهم أجر على صيامهم الا على الجوع والعطش لأنهم لم يصوِّموا جوارحهم عن المعاصي،وقد قال بعض السلف: أهون الصيام ترك الطعام والشراب. ترك شهوة الطعام والشراب سهل ويسير ،إنما المشقة مجاهدة الجوارح عن المعاصي ،لسان طيب،وقلب طاهر نقي صافي، وجوارح سليمة عن المعاصي بعيدة عن الوقوع في محارم الله عز وجل.

 فعلى الصائم أن يجاهد نفسه في ترك ما حرم الله سبحانه وتعالى فالنبي ﷺ يقول:« من ترك شيئًا اتقاء الله أبدله خيرًامنه » .

فمن تركَ المحرمات طاعة لله ورغبة في ثوابه فإنه يعوضه الثواب والجنة وبما لا يعد ولا يحصى من النعيم والأُجور.

ينبغي لنا التفرغ في هذا الشهر قدر الإمكان ،التفرغ للصيام والقيام والذكر وتلاوة القرآن وسائر ما يحبه الله ويرضاه فقد كان النبي ﷺ يكثر من تلاوة القرآن ويكثر الجود والإحسان روى البخاري (6)  ومسلم (2308) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ».
وكثير من الناس في غفلة،الأمر عندهم عادي ليس فيه حرص ولا جد في هذا الموسم العظيم، فلهذا يمر الوقت من غير فائدة ولا ثمرة ،فمنهم من يَقْضِي وقته في اللقاءات والزيارات ،ومنهم من يقضي وقته في صنع الأطعمة والأشربة زيادة على القدر المطلوب،ومنهم من يقضي وقته في متابعة المسلسلات التي جاءتهم من أعدائهم ليشغلوهم بها عن منافعهم وآخرتهم.
 ينبغي اغتنام هذه الأوقات العظيمة ولا يُفرَّط في لحظة ولا دقيقة، حتى في النوم والمأكل والمشرب،ينام ،يأكل ،يشرب ليتقوَّى به على طاعة الله، فيثاب على أمر من أمور العادات لنيته الحسنة،والتوفيق بيد الله سبحانه ،والبركة من الله، يوفق من يشاء إلى محابِّه ومراضيه من غير كسل ولا ملل وتواني، ويهيء له أسبابه، فسبحان ربي يفعل ما يشاء،وله الحكمة البالغة.
وينبغي الاجتهاد في الدعاء فإن ربنا يقول:﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)﴾[البقرة]  ذكر الله عز وجل هذه الآية في سياق آيات الصيام،وفي ذلك دليل على أن الصائم دعاؤه مستجاب،وقد ثبت في السنة أن الصائم لا ترد دعوته.
هذه كلمة تذكيرية نفعني الله وإياكم بها.