جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 14 مايو 2018

(13)أَوصَافُ طالبِ العلمِ الشرعِي


                     من عملِ السلف بالعلم


عن سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ».
قَالَ: وَأَقْرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي إِمْرَةِ عُثْمَانَ، حَتَّى كَانَ الحَجَّاجُ.
 قَالَ: وَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا.
رواه الإمام البخاري (5027).

قال الحافظ ابن حجر في «الفتح»:
قائل: (وذاك الذي أقعدني مقعدي هذا) هو أبوعبدالرحمن.
ثم ذكر أن الإشارة بقوله: (ذلك) إلى الحديث المرفوع أي: أن الحديث الذي حدث به عثمان في أفضلية من تعلم القرآن، وعلَّمه حمل أبا عبدالرحمن أن قعد يعلم الناس القرآن لتحصيل تلك الفضيلة. اهـ

قال الحافظ ابن كثير في «فضائل القرآن» (ص134): وقد كان أبوعبدالرحمن عبدالله بن حبيب السُّلمي الكوفي أحد أئمة الإسلام ومشايخهم ممن رغب في هذا المقام، فقعد يعلم الناس من إمارة عثمان إلى أيام الحجاج.
قالوا: وكان مقدار ذلك الذي مكث يعلم فيه القرآن سبعين سنة، رحمه الله وأثابه وآتاه ما طلبه ورامه آمين. اهـ

وهذا مِن سيما السلف الصالح مبادرتهم إلى العمل بالعلم وتنافسهم فيه،وكانوا يعرفون الصالح بعبادته وأخلاقه وصفاته الحميدة.

روى الإمام الدارمي رحمه الله في «مقدمة سننه» (558)عن الحسن البصري قال: أدركت الناس والناسك إذا نسك لم يُعرف من قِبَل منطقه ،ولكن يُعرف من قِبَل عمله، فذلك العلم النافع. والأثر صحيح.



ومن وصايا الخطيب أحمد بن علي بن ثابت رحمه الله لطالب العلم في مقدمة اقتضاء العلم العمل(14): إِنِّي مُوصِيكَ يَا طَالِبَ الْعِلْمِ بِإِخْلَاصِ النِّيَّةِ فِي طَلَبِهِ، وَإِجْهَادِ النَّفْسِ عَلَى الْعَمَلِ بِمُوجَبِهِ، فَإِنَّ الْعِلْمَ شَجَرَةٌ وَالْعَمَلَ ثَمَرَةٌ، وَلَيْسَ يُعَدُّ عَالِمًا مَنْ لَمْ يَكُنْ بِعِلْمِهِ عَامِلًا.

 وَقِيلَ: الْعِلْمُ وَالِدٌ وَالْعَمَلُ مَوْلُودٌ، وَالْعِلْمُ مَعَ الْعَمَلِ، وَالرِّوَايَةُ مَعَ الدِّرَايَةِ.

 فَلَا تَأْنَسْ بِالْعَمَلِ مَا دُمْتَ مُسْتَوْحِشًا مِنَ الْعِلْمِ.

 وَلَا تَأْنَسْ بِالْعِلْمِ مَا كُنْتَ مُقَصِّرًا فِي الْعَمَلِ وَلَكِنِ اجْمَعْ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ قَلَّ نَصِيبُكَ مِنْهُمَا، وَمَا شَيْءٌ أَضْعَفُ مِنْ عَالِمٍ تَرَكَ النَّاسُ عِلْمَهُ لِفَسَادِ طَرِيقَتِهِ، وَجَاهِلٍ أَخَذَ النَّاسُ بِجَهْلِهِ لِنَظَرِهِمْ إِلَى عِبَادَتِهِ.
 وَالْقَلِيلُ مِنْ هَذَا مَعَ الْقَلِيلِ مِنْ هَذَا أَنْجَى فِي الْعَاقِبَةِ إِذَا تَفَضَّلَ اللَّهُ بِالرَّحْمَةِ، وَتَمَّمَ عَلَى عَبْدِهِ النِّعْمَةَ.

 فَأَمَّا الْمُدَافَعَةُ وَالْإِهْمَالُ وَحُبُّ الْهُوَيْنَى وَالِاسْتِرْسَالُ، وَإِيثَارُ الْخَفْضِ وَالدَّعَةِ وَالْمَيْلِ مَعَ الرَّاحَةِ وَالسَّعَةِ، فَإِنَّ خَوَاتِمَ هَذِهِ الْخِصَالِ ذَمِيمَةٌ، وَعُقْبَاهَا كَرِيهَةٌ وَخِيمَةٌ.

 وَالْعِلْمُ يُرَادُ لِلْعَمَلِ كَمَا الْعَمَلُ يُرَادُ لِلنَّجَاةِ، فَإِذَا كَانَ الْعَمَلُ قَاصِرًا عَنِ الْعِلْمِ، كَانَ الْعِلْمُ كَلًّا عَلَى الْعَالِمِ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ عَادَ كَلًّا، وَأَوْرَثَ ذُلًّا، وَصَارَ فِي رَقَبَةِ صَاحِبِهِ غَلًّا .اهـ المراد .