جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 28 أبريل 2018

(51)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ


﴿طه (1) مَا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2)إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى (3) تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى(4)﴾[طه].
------------------
هذه السورة  ورد حديثٌ ضعيف جدًّا في فضلِها.
روى ابن خزيمة في كتابه«التوحيد»(1/402)عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَرَأَ طه، وَيس قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، فَلَمَّا سَمِعَتِ الْمَلَائِكَةُ الْقُرْآنَ قَالَتْ: طُوبَى لِأُمَّةٍ يَنْزِلُ هَذَا عَلَيْهِمْ، طُوبَى لِأَلْسُنٍ تَتَكَلَّمُ بِهَذَا، وَطُوبَى لِأَجْوَافٍ تَحْمِلُ هَذَا ".وسنده ضعيفٌ جدًّا فيه عمر بن حفص بن ذكوان ترجمته في ميزان الاعتدال (3/ 189)قال أحمد: تركنا حديثه وخرقناه. وقال علي: ليس بثقة. وقال النسائي: متروك. وقال الدارقطني: ضعيف.
يرويه عنه :إبراهيم بن مهاجر بن مسمار  وهو ضعيف.

وقوله:(طه) اختلف المفسرون في الحروف المقطعة  على أقوال من أشهرها: أنها الله أعلم بالمراد منها.وهذا ترجيح والدي رحمه الله .
 وذهبَ جمهورُ المفسرين إلى أنَّ (طه) يعني: يا رجل.
وجاءَ أنه اسمٌ من أسماء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم يثبت.

(لِتَشْقى) أي: تتعب نفسك وتشقُّ عليها بالعبادة .وهذا كما روى البخاري (1150)،ومسلم (784) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا الحَبْلُ؟» قَالُوا: هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ حُلُّوهُ لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ».
وروى البخاري(212)،ومسلم(786) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ، حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ، لاَ يَدْرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ».
 وقال بعضهم:المراد لتتعبَ في تألُّمِك وحزنك على المعرضين المعاندين كما قال تعالى:﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾.ولا مانعَ أن تشمل الآية القولَينِ جميعًا.

(إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى)قال ابن كثير في تفسير هذه الآية:إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ كِتَابَهُ وَبَعَثَ رسوله رحمة رحم بها عباده لِيَتَذَكَّرَ ذَاكِرٌ، وَيَنْتَفِعَ رَجُلٌ بِمَا سَمِعَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَهُوَ ذِكْرٌ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ.اهـ
وهذا كما قال تعالى﴿ فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى (10) وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى (11) الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى (12) ﴾[الأعلى].

(تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى)قال ابن كثير رحمه الله: أَيْ: هذا القرآن الذي جاءك يا محمد هُوَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّكَ رَبِّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكِهِ، الْقَادِرِ عَلَى مَا يَشَاءُ، الَّذِي خَلَقَ الأرض بانخفاضها وكثافتها، وخلق السموات العلى فِي ارْتِفَاعِهَا وَلَطَافَتِهَا.

من الفوائد المستنبطة:
·      أن القرآن أنزله الله عز وجل سعادة لنبيه،وكل من اهتدى بالقرآن فالقرآن سعادة له ونور ورفعة.
·      الحث على الاهتمام بالقرآن الكريم ففيه سعادة الأولى والأُخرى.
·      أن القرآن منزل من عند الله سبحانه.
·      التذكير بالقرآن ووعظُ الناس به وبآدابِه.
·      أن القرآن أُنزلَ تذكرة لمن يخشى.
ونُصَّ على أهل الخشية لأنهم الذين ينتفعون بالقرآن الكريم. كما قال تعالى:﴿ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ﴾. وقد بيَّن الله سبحانه في آياتٍ أُخر أن القرآن أُنْزِلَ على الناس كلهم كما قال تعالى: ﴿تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ، لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيرًا﴾.
·      مؤانسةُ الله لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنَّه لا يُتعب نفسه ويرهقها بسبب المخالفين﴿فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ (40)﴾[الرعد].
فائدة
سورة طه مكية وليست مدنية.