جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 15 فبراير 2018

(49)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ


{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلا (30) أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا (31)}.
{جَنَّاتُ عَدْنٍ} الْعَدْنُ: الْإِقَامَةُ.
{تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأنْهَارُ} قال ابن كثير رحمه الله:أَيْ: مِنْ تَحْتِ غُرَفِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ، كما قَالَ فِرْعَوْنُ: {وَهَذِهِ الأنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} [الزُّخْرُفِ:51]اهـ.
وأنهار الجنة متعدِّدة كما قال تعالى:{مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ (15)}[محمد:15].
{فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ}هذا عام للرجال وللنساء في الآخرة ،أما في الدنيا فالذهب من خصائص النساء.
والحلية  تبلغ في اليد حيث يبلغ الوضوء.روى مسلم(250)عن أبي هريرة رضي الله عنه سَمِعْتُ خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنَ الْمُؤْمِنِ، حَيْثُ يَبْلُغُ الْوَضُوءُ».
سندس.قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية:السندس لباس  رقاع رقاق كَالْقُمْصَانِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا، وَأَمَّا الْإِسْتَبْرَقُ فَغَلِيظُ الدِّيبَاجِ وَفِيهِ بَرِيقٌ.اهـ
الأرائك جمع أريكة وهي السرر تحت الحجال،والحَجَلة كالناموسية أو الخيمة توضع على السرير محلَّاة بالزينة والأزرار،وإذا انفرد السرير قيل سرير،وإذا انفردت قيل لها حَجَلة ،وبمجموعهما يقال :أريكة،وهناك حديث( أعرو النساء تحت الحجال )وهو حديث لا يثبت.
نِعْمَ الثَّوَابُ.قال ابن كثير رحمه الله:أَيْ: نِعْمَتِ الْجَنَّةُ ثَوَابًا عَلَى أَعْمَالِهِمْ. وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا أَيْ: حَسُنَتْ مَنْزِلًا وَمَقِيلًا وَمَقَامًا، كَمَا قَالَ فِي النَّارِ: {بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} [الْكَهْفِ:29]. 
وَهَكَذَا قَابَلَ بَيْنَهُمَا فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ فِي قَوْلِهِ:{إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا}[الْفُرْقَانِ:66] ثُمَّ ذَكَرَ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ:{أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا}[الْفُرْقَانِ:76، 75].اهـ

من فوائد هاتين الآيتَين: 
الترغيب في الإحسان في العمل وأنه ليس العبرة بكثرته.
أن صفات المحسنين الإيمان والعمل الصالح.
أن الله لا يضيع جزاء المحسنين.وكما قال تعالى:{ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ}[آل عمران:195].
أن جزاء المحسنين الجنة.
أن الجنة دار خلد وليست دار فناء.
وصْفُ لباس أهل الجنة وحِليتهم.