جديد المدونة

جديد الرسائل

الجمعة، 5 يناير 2018

(46) دُرَرٌ مِنَ النَّصَائِحِ


                              هجرة القلب

قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين(2/433):
كلُّ مُتَوَجِّهٍ إِلَى اللَّهِ بِالصِّدْقِ وَالْإِخْلَاصِ، فَإِنَّهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ.

فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْ هَذِهِ الْهِجْرَةِ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَصْحَبَهَا سَرْمَدًا  حَتَّى يَلْحَقَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

فَمَا هِيَ إِلَّا سَاعَةٌ. ثُمَّ تَنْقَضِي ... وَيَحْمَدُ غِبَّ السَّيْرِ مَنْ هُوَ سَائِرٌ
وَلِلَّهِ عَلَى كُلِّ قَلْبٍ هِجْرَتَانِ. وَهُمَا فَرْضٌ لَازِمٌ لَهُ عَلَى الْأَنْفَاسِ:

هِجْرَةٌ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِالتَّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ، وَالْإِنَابَةِ وَالْحُبِّ، وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَالْعُبُودِيَّةِ.

وَهِجْرَةٌ إِلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِالتَّحْكِيمِ لَهُ وَالتَّسْلِيمِ وَالتَّفْوِيضِ، وَالِانْقِيَادِ لِحُكْمِهِ، وَتَلَقِّي أَحْكَامِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ مِنْ مِشْكَاتِهِ. فَيَكُونُ تَعَبُّدُهُ بِهِ أَعْظَمَ مِنْ تَعَبُّدِ الرَّكْبِ بِالدَّلِيلِ الْمَاهِرِ فِي ظُلَمِ اللَّيْلِ، وَمَتَاهَاتِ الطَّرِيقِ.

فَمَا لَمْ يَكُنْ لِقَلْبِهِ هَاتَانِ الْهِجْرَتَانِ فَلْيَحْثُ عَلَى رَأْسِهِ الرَّمَادَ.
 وَلْيُرَاجِعِ الْإِيمَانَ مِنْ أَصْلِهِ. فَيَرْجِعَ وَرَاءَهُ لِيَقْتَبِسَ نُورًا، قَبْلَ أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَيُقَالَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الصِّرَاطِ مِنْ وَرَاءِ السُّورِ. وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.اهـ

قلت:وهذه هي الهجرة الحقيقية هجران ما نهى الله عزوجل عنه من المعاصي والكفر والفسوق ومجالس اللهو واللغو والمنكر .كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم :وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ .

غب السير:أي:عاقبته.