جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 25 ديسمبر 2017

(21) مِنْ جَوَامِعِ الأَدْعِيَةِ

                             التعوُّذُ بالمعوِّذَتَين


عن ابْنِ عَابِسٍ الْجُهَنِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: " يَا ابْنَ عَابِسٍ، أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ مَا تَعَوَّذَ بِهِ الْمُتَعَوِّذُونَ؟" قَالَ: قُلْتُ: بَلَى. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ "رواه أحمد(28/530).
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ -عبدالله بن أحمد-: ابْنُ عَابِسٍ هُوَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرِ بْنِ عَابِسٍ، وَيُقَالَ ابْنُ عَبْسٍ الْجُهَنِيُّ . والحديث صحيح .
—-------------------
في هذا الحديث :
فضل المعوِّذَتَيْن قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ.
أن هاتَيْنِ السُّورتين أفضلَ ما تعوَّذ به المتعوِّذُون.
فينبغي لكلِّ مسلم أن يكثرَ من  التعوُّذ بهما  ليلًا ونهارًا  ليتحصَّنَ من كلِّ سوء ،ويبتعد عن شر شياطين الجن والإنس .
قال ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد (2/199)في كلامه على هاتين السورتين:والمقصود الكلام على هاتين السورتين وبيان عظيم منفعتِهما وشدة الحاجة بل الضرورة إليهما وأنه لا يستغني عنهما أحد قط وأن لهما تأثيرا خاصا في دفع السحر والعين وسائر الشرور وأن حاجة العبد إلى الاستعاذة بهاتين السورتين أعظم من حاجته إلى النَّفَس والطعام والشراب واللباس. فنقول :والله المستعان- قد اشتملت السورتان على ثلاثة أصول وهي أصول الاستعاذة .
أحدها: نفس الاستعاذة والثانية: المستعاذ به والثالثة: المستعاذ منه فبمعرفة ذلك تعرف شدة الحاجة والضرورة إلى هاتين السورتين..
وقال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد(4/166): وَفِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، فَإِنَّ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ تَعُمُّ كُلَّ شَرٍّ يُسْتَعَاذُ مِنْهُ، سَوَاءٌ كَانَ فِي الْأَجْسَامِ، أَوِ الْأَرْوَاحِ.
وَالِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ الْغَاسِقِ وَهُوَ اللَّيْلُ، وَآيَتِهِ وَهُوَ الْقَمَرُ إِذَا غَابَ، تَتَضَمَّنُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ مَا يَنْتَشِرُ فِيهِ مِنَ الْأَرْوَاحِ الْخَبِيثَةِ، الَّتِي كَانَ نُورُ النَّهَارِ يَحُولُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الِانْتِشَارِ، فَلَمَّا أَظْلَمَ اللَّيْلُ عَلَيْهَا وَغَابَ الْقَمَرُ انْتَشَرَتْ وَعَاثَتْ.
وَالِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ تَتَضَمَّنُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ السَّوَاحِرِ وَسِحْرِهِنَّ.
وَالِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ الْحَاسِدِ تَتَضَمَّنُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنَ النُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ الْمُؤْذِيَةِ بِحَسَدِهَا وَنَظَرِهَا.
وَالسُّورَةُ الثَّانِيَةُ :تَتَضَمَّنُ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ شَرِّ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ فَقَدْ جَمَعَتِ السُّورَتَانِ الِاسْتِعَاذَةَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ، وَلَهُمَا شَأْنٌ عَظِيمٌ فِي الِاحْتِرَاسِ وَالتَّحَصُّنِ مِنَ الشُّرُورِ قَبْلَ وُقُوعِهَا .اهـ
هذا الدعاء من جوامع الأدعية فإن الاستعاذة داخلةٌ في الدعاء.
قال شيخ الإسلام  في مجموع الفتاوى (15/ 227) فَالِاسْتِعَاذَةُ وَالِاسْتِجَارَةُ؛ وَالِاسْتِغَاثَةُ: كُلُّهَا مِنْ نَوْعِ الدُّعَاءِ أَوْ الطَّلَبِ وَهِيَ أَلْفَاظٌ مُتَقَارِبَةٌ.اهـ.

—------------------------------------------—