جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 4 نوفمبر 2017

(45) دُرَرٌ مِنَ النَّصَائِحِ

                 
                           التذلُّل لله سبحانه


قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين(1/520):

لَا شَيْءَ أَنْفَعُ لِلصَّادِقِ مِنَ التَّحَقُّقِ بِالْمَسْكَنَةِ وَالْفَاقَةِ وَالذُّلِّ، وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ.وَلَقَدْ شَاهَدْتُ مِنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ مِنْ ذَلِكَ أَمْرًا لَمْ أُشَاهِدْهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَكَانَ يَقُولُ كَثِيرًا: مَا لِي شَيْءٌ، وَلَا مِنِّي شَيْءٌ، وَلَا فِيَّ شَيْءٌ، وَكَانَ كَثِيرًا مَا يَتَمَثَّلُ بِهَذَا الْبَيْتِ:

أَنَا الْمُكَدِّي وَابْنُ الْمُكَدِّي .. وَهَكَذَا كَانَ أَبِي وَجَدِّي

وَكَانَ إِذَا أُثْنِي عَلَيْهِ فِي وَجْهِهِ يَقُولُ: وَاللَّهِ إِنِّي إِلَى الْآنِ أُجَدِّدُ إِسْلَامِي كُلَّ وَقْتٍ، وَمَا أَسْلَمْتُ بَعْدُ إِسْلَامًا جَيِّدًا.

وَبَعَثَ إِلَيَّ فِي آخِرِ عُمُرِهِ قَاعِدَةً فِي التَّفْسِيرِ بِخَطِّهِ، وَعَلَى ظَهْرِهَا أَبْيَاتٌ بِخَطِّهِ مِنْ نَظْمِهِ:

أَنَا الْفَقِيرُ إِلَى رَبِّ الْبَرِيَّاتِ .. أَنَا الْمُسَيْكِينُ فِي مَجْمُوعِ حَالَاتِي

أَنَا الظَّلُومُ لِنَفْسِي وَهِيَ ظَالِمَتِي .. وَالْخَيْرُ إِنْ يَأْتِنَا مِنْ عِنْدِهِ يَأْتِي

لَا أَسْتَطِيعُ لِنَفْسِي جَلْبَ مَنْفَعَةٍ .. وَلَا عَنِ النَّفْسِ لِي دَفْعُ الْمَضَرَّاتِ

وَلَيْسَ لِي دُونَهُ مَوْلًى يُدَبِّرُنِي .. وَلَا شَفِيعٌ إِذَا حَاطَتْ خَطِيئَاتِي

إِلَّا بِإِذْنٍ مِنَ الرَّحْمَنِ خَالِقِنَا .. إِلَى الشَّفِيعِ كَمَا قَدْ جَاءَ فِي الْآيَاتِ

وَلَسْتُ أَمْلِكُ شَيْئًا دُونَهُ أَبَدًا .. وَلَا شَرِيكٌ أَنَا فِي بَعْضِ ذَرَّاتِ

وَلَا ظُهَيْرٌ لَهُ كَيْ يَسْتَعِينَ بِهِ .. كَمَا يَكُونُ لِأَرْبَابِ الْوِلَايَاتِ

وَالْفَقْرُ لِي وَصْفُ ذَاتِ لَازِمٍ أَبَدًا .. كَمَا الْغِنَى أَبَدًا وَصْفٌ لَهُ ذَاتِي

وَهَذِهِ الْحَالُ حَالُ الْخَلْقِ أَجْمَعِهِمْ .. وَكُلُّهُمْ عِنْدَهُ عَبْدٌ لَهُ آتِي

فَمَنْ بَغَى مَطْلَبًا مِنْ غَيْرِ خَالِقِهِ . فَهُوَ الْجَهُولُ الظَّلُومُ الْمُشْرِكُ الْعَاتِي

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ الْكَوْنِ أَجْمَعِهِ .. مَا كَانَ مِنْهُ وَمَا مِنْ بَعْدُ قَدْ يَاتِي

انتهى من مدارج السالكين.


فاحرص أيها المسلم على الانكسار والتذلُّل لربِّ العالمين فإنه باب عظيم في الوصول إلى طرق الخير والسعادة والفوز برضا الله عزوجل.نسألُ الله من واسعِ فضلِه.