جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 11 سبتمبر 2017

(11) أحاديثُ منتقاةٌ من أحاديثِ البخاري ومسلم




عن عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِيِنَ، قَالَتْ: إِنَّا كُنَّا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهُ جَمِيعًا، لَمْ تُغَادَرْ مِنَّا وَاحِدَةٌ، فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلامُ تَمْشِي، لا وَاللَّهِ مَا تَخْفَى مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ قَالَ: «مَرْحَبًا بِابْنَتِي» ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ سَارَّهَا، فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدًا، فَلَمَّا رَأَى حُزْنَهَا سَارَّهَا الثَّانِيَةَ، فَإِذَا هِيَ تَضْحَكُ.

 فَقُلْتُ لَهَا أَنَا مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ: خَصَّكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسِّرِّ مِنْ بَيْنِنَا، ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلْتُهَا: عَمَّا سَارَّكِ؟
قَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِرَّهُ.

 فَلَمَّا تُوُفِّيَ، قُلْتُ لَهَا: عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنَ الحَقِّ لَمَّا أَخْبَرْتِنِي، قَالَتْ: أَمَّا الآنَ فَنَعَمْ، فَأَخْبَرَتْنِي.

 قَالَتْ: أَمَّا حِينَ سَارَّنِي فِي الأَمْرِ الأَوَّلِ، فَإِنَّهُ أَخْبَرَنِي: «أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ بِالقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ قَدْ عَارَضَنِي بِهِ العَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلا أَرَى الأَجَلَ إِلَّا قَدِ اقْتَرَبَ، فَاتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي، فَإِنِّي نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ» قَالَتْ: فَبَكَيْتُ بُكَائِي الَّذِي رَأَيْتِ، فَلَمَّا رَأَى جَزَعِي سَارَّنِي الثَّانِيَةَ، قَالَ: «يَا فَاطِمَةُ، أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ». رواه البخاري (6285)، ومسلم (2450) ،وليس عند البخاري:«فَإِنِّي نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ ».

--------------------

هذا الحديث ترويه عائشة عن فاطمة بنت النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ،وليس لفاطمة بنت رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ حديثٌ في الصحيحين إلا هذا الحديث.

وفاطمة وُلدت قبل النبوة بخمس سنين، وعاشت رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ثمانيةً وعشرين ونصف عام.قال ابن الجوزي في «صفة الصفوة» (2/310) : توفيت فاطمة الزهراء عليها السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر في ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى عشرة، وهي بنت ثمان وعشرين سنة ونصف. اهـ. 

وتزوجها ابْنُ عَمِّهَا عَلِيُّ بنُ أَبِي طَالِبٍ فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ ،كما في«البداية والنهاية»(5/309).


من فوائد الحديث :

فضيلة لفاطمة رضي الله عنها .

جواز المناجاة بين الناس .

والمنهي عنه أن يتناجى اثنان دون الثالث .وهذا من أدب المجالس .

حسن خُلُقِ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والترحيب بالقادم.

حفظ السر وعدم إفشائه .قال ابن بطال في «شرح البخاري»(9/61): فيه: أنه لا ينبغي إفشاء السر إذا كانت فيه مضرة على المُسر، لأن فاطمة لو أخبرت نساء النبى ذلك الوقت بما أخبرها به النبى من قرب أجله لحزن لذلك حزنًا شديدًا، وكذلك لو أخبرتهن أنها سيدة نساء المؤمنين، لعظم ذلك عليهن، واشتد حزنهن، فلما أمنت ذلك فاطمة بعد موته أخبرت بذلك.اهـ


مدارسة القرآن الكريم .

البكاء والحزن لموت الأحبة .

والمنهي عنه هو البكاء مع جزعٍ وتضجُّرٍ وتسخُّط .

وفيه أن سبب ضحك فاطمة رضي الله عنها  لما أخبرها رسولُ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنها سيدة نساء المؤمنين .
وفي رواية في الصحيح أنها ضحكت لما قال لها:« إنك أول أهل بيتي لحاقًا بي».

وهذا يفيد أن الإنسان لا يحبُّ البقاء بعد فراق مَن يُحِبُّه .ولهذا ضحكت فاطمة رضي الله عنها لما أخبرها أنها أول أهله لحاقًا به.

وصية الأهل بالصبر والتقوى .

نسأل الله أن يلهِمَنَا الصبر ويرزقنا الثبات في السراء والضراء.