جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 14 أغسطس 2017

(117)سِلْسِلَةُ الفَوَائِدِالعِلْمِيَّةِ والمَسَائِلِ الفِقْهِيَّةِ

         
         الحذر من عداوة الشيطان الرجيم
قال تعالى محذِّرًا  لبني آدم  من عداوة الشيطان:﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا (50) ﴾[الكهف].

وقد أقسم هذا العدو أنه سيسعى جادًّا في إضلال العباد وإغوائهم فقال: ﴿وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ (119)﴾ [النساء].

وعداوة الشيطان الرجيم لبني آدم كثيرة ونذكرُ ما يلي للتنبيه على الحذر منها :

من عداوته :أنه يأمر بني آدم بالشر ولا يأمرهم بالخير، قال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168) إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169)﴾ [البقرة]، وقال سُبْحَانَهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾[النور:21].
-       أنه داعٍ إلى طريق جهنم، أعاذنا الله منها. قال سبحانه: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)﴾ [فاطر].
-       التحريش بين الأُسَر وبين الإخوان وبين المصلين عمومًا، كما روى الإمام مسلم (2812) عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ».
-       سعيُه بالفتنة بين بني آدم وإشعالِها،روى الإمام مسلم(2813)عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ » قَالَ الْأَعْمَشُ أحد رواة الإسناد: أُرَاهُ قَالَ: «فَيَلْتَزِمُهُ».
-       ومن عداوته أنه يُضعف الإيمانَ بالقدر، كالتَّوكُّل على الله ،وكذا في الأرزاق، وعند الشدائد والمكاره، قال تَعَالَى: ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268)﴾ [البقرة]، ولهذا الشيطان ينتهز الفُرَصَ ،وفي حالة ضعف ابن آدم غالبًا يجد  فرصته ، ولا يسلم منه إلا من سلَّمه الله ،فيقع الإنسان في السخط والجزع ولا يتحلى بالبصر،والصبر واجبٌ، ولهذا ربنا سبحانه يأمر بالاسترجاع عند المصيبة والإيمان بالقدر ﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ [التغابن:11]، لأن هذا عونٌ على الصبر ،وتبريد حرِّ المصيبة ،ويرد كيد الشيطان ،ويقوي العزيمة ،ويشد القلب ويرْبِطُهُ بإذن الله عَزَّ وَجَلَّ.

ومن عداوة الشيطان :حِرْصُه على جلب الأحزان والهموم لأن هذه تضعف المعنوية ،وقد يجد الشيطان من خلالها مدخلًا كبيرًا إلى العبد، قال سبحانه: ﴿إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (10)﴾ [المجادلة].

 فعلينا أن نستعين بالله سبحانه وأن نحرص على أسباب انشراح الصدر ،والبعد عن الأحزان والهموم ما أمكن ،ولابد من مجاهدة، لأن دار الدنيا دار هموم وأحزان،دار نكدٍ وشدَّة.
ثمانية لابد منها على الفتى *** ولابد أن تجري عليه الثمـانية
سرور وهمٌّ واجتماع وفرقة *** ويُسْر وعسر ثم سقم وعافية

وعلينا أن نتحصن من هذا العدو المبين﴿ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (208)﴾[البقرة:208]علينا أن نتحصَّن منه بالأذكار ،وبتقوى الله سبحانه ،وبالبعد عن المعاصي ،فهذا حصنٌ بإذن الله عَزَّ وَجَلَّ في دفع شر هذا العدو أعاذنا الله منه.
ولا حول ولا قوة لنا إلا بالله.