جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 5 أبريل 2017

(73) سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ


       

من القواعد في أسماء الله عَزَّ وَجَلَّ :
أن الاسم من الأسماء الحسنى قد يدل على أكثر من صفة.
وهذا من القواعد النافعة في باب الأسماء والصفات  .
قال  ابن القيم رحمه الله في «بدائع الفوائد»(1/ 168): من أسمائه الحسنى ما يكون دالًّا على عدَّةِ صفات، ويكون ذلك الاسم متناولًا لجميعها تناولَ الاسم الدال على الصفة الواحدة لها ،قال : وهذا مما خفي على كثير ممن تعاطى الكلامَ في تفسير الأسماء الحسنى ففسَّر الاسم بدون معناه ونقصَه من حيث لا يَعلم فمن لم يُحِطْ بهذا علمًا بخس الاسم الأعظم حقه وهضمه معناه فتدبره.اهـ.

مثالُ ذلك :

قال عَزَّ وَجَلَّ:﴿وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ﴾،ويقول سُبْحَانَهُ: ﴿وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ [البقرة:255]،في هاتين الآيتَين أن العلي من أسماء الله ، ويدل على صفة العلوِّ لله عزوجلَّ ،لأن كل اسم يدل على صفةٍ لله عزوجل أو أكثر من صفة.

وعلو الله  ثلاثة أقسام: علو قهر وعلو قدر وعلو ذات.

قال ابن القيم رَحِمَهُ اللَّهُ في «مدارج السالكين» (1/ 55): فَإِنَّ مِنْ لَوَازِمِ اسْمِ الْعَلِيِّ الْعُلُوَّ الْمُطْلَقَ بِكُلِّ اعْتِبَارٍ، فَلَهُ الْعُلُوُّ الْمُطْلَقُ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ: عُلُوُّ الْقَدْرِ، وَعُلُوُّ الْقَهْرِ، وَعُلُوُّ الذَّاتِ، فَمَنْ جَحَدَ عُلُوَّ الذَّاتِ فَقَدْ جَحَدَ لَوَازِمَ اسْمِهِ الْعَلِيِّ. اهـ.

وقال رحمه الله في «اجتماع الجيوش الإسلامية» (2/182): وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى، وَنَطَقَ بِذَلِكَ الْقُرْآنُ فَزَعَمَ هَؤُلَاءِ أَنَّ ذَلِكَ بِمَعْنَى عُلُوِّ الْغَلَبَةِ لَا عُلُوِّ الذَّاتِ، وَعِنْدَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عُلُوَّ الْغَلَبَةِ. وَالْعُلُوُّ مِنْ سَائِرِ وُجُوهِ الْعُلُوّ، لِأَنَّ الْعُلُوَّ صِفَةُ مَدْحٍ فَثَبَتَ أَنَّ لِلَّهِ تَعَالَى عُلُوَّ الذَّاتِ وَعُلُوَّ الصِّفَاتِ وَعُلُوَّ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ. اهـ.

ونعلم مما تقدم أن اسم الله (العلي)دلَّ على صفة عُلُوِّ الْقَدْرِ، وَعُلُوِّ الْقَهْرِ، وَعُلُوِّ الذَّاتِ .

وأن مَنْ جَحَدَ عُلُوَّ الذَّاتِ فَقَدْ جَحَدَ لَوَازِمَ اسْمِهِ الْعَلِيِّ .


وهؤلاء هم الأشاعرة والمعتزلة الذين يقولون:ليس الله في العلو ،تعالى الله عن قولهم .قال تعالى:﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ (16) أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (17)﴾[الملك].