جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 30 أبريل 2017

(37) سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ



قوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا) [الكهف:9].
—----------------

هذه الآية الكريمة أول شيءٍ في ذكر قِصَّة أصحاب الكهف.

(أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ) الكهف: الغار في الجبل.
 (وَالرَّقِيمِ) فيه أقوال ونقتصر على الصحيح.
 قال ابْنُ زَيْدٍ وهو عبدالرحمن بن زيد بن أسلم: الرَّقِيمُ: كِتَابٌ، وَقَرَأَ: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ كِتَابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ﴾ [المطففين: 19-20] ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ كِتَابٌ مَرْقُومٌ ﴾ [المطففين: 8-9] رواه ابن جرير في «تفسيره» (15/159) بسند صحيح.
ورجحه ابن جرير، وقال: وَإِنَّمَا الرَّقْمُ: فَعِيلٌ. أَصْلُهُ: مَرْقُومٌ، ثُمَّ صُرِفَ إِلَى فَعِيلٍ، كَمَا قِيلَ لِلْمَجْرُوحِ: جَرِيحٌ، وَلِلْمَقْتُولِ: قَتِيلٌ، يُقَالُ مِنْهُ: رَقَمْتُ كَذَا وَكَذَا: إِذَا كَتَبْتَهُ. اهـ.
واستظهره الحافظ ابن كثير في «تفسير القرآن العظيم» (4/420).

وقال الشنقيطي رحمه الله في «أضواء البيان» (3/206): وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ عِنْدِي بِحَسَبِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَبَعْضِ آيَاتِ الْقُرْآنِ، أَنَّ الرَّقِيمَ مَعْنَاهُ: الْمَرْقُومُ، فَهُوَ «فَعِيلٌ» بِمَعْنَى «مَفْعُولٍ» مِنْ: رَقَمْتُ الْكِتَابَ: إِذَا كَتَبْتُهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:﴿ كِتَابٌ مَرْقُومٌ ﴾الْآيَةَ. سَوَاءٌ قُلْنَا: إِنَّ الرَّقِيمَ كِتَابٌ كَانَ عِنْدَهُمْ فِيهِ شَرْعُهُمُ الَّذِي تَمَسَّكُوا بِهِ، أَوْ لَوْحٌ مِنْ ذَهَبٍ كُتِبَتْ فِيهِ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَنْسَابُهُمْ وَقِصَّتُهُمْ وَسَبَبُ خُرُوجِهِمْ، أَوْ صَخْرَةٌ نُقِشَتْ فِيهَا أَسْمَاؤُهُمْ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. اهـ.
و(أصحاب الكهف والرقيم) طَائِفَةٌ وَاحِدَةٌ أُضِيفَتْ إِلَى شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْآخَرِ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إِنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ طَائِفَةٌ، وَأَصْحَابَ الرَّقِيمِ طَائِفَةٌ أُخْرَى كما قال الشنقيطي .

 (كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا) قال ابن كثير: أَيْ لَيْسَ أَمْرُهُمْ عَجِيبًا فِي قُدْرَتِنَا وسلطانِنا فَإِنَّ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَتَسْخِيرَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الْعَظِيمَةِ الدَّالَّةِ عَلَى قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَنَّهُ عَلَى مَا يَشَاءُ قَادِرٌ وَلَا يُعْجِزُهُ شيء أعجب من أخبار أصحابِ الكهف. اهـ.