جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 15 يناير 2017

(24)أحاديث مختارة من أحاديث «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين»لوالدي رحمه الله


عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ» . وَقُرِّبَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَنَاتٌ خَمْسٌ أَوْ سِتٌّ فَطَفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ إِلَيْهِ بِأَيَّتِهِنَّ يَبْدَأُ، فَلَمَّا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا، قَالَ: فَتَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ خَفِيَّةٍ لَمْ أَفْهَمْهَا، فَقُلْتُ: مَا قَالَ؟ قَالَ: «مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ» رواه أبوداود (1765).

[هذا حديث حسن .الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين برقم 812] .



-----------------

 (يَوْمُ الْقَرِّ)الحادي عشر من ذي الحجة ،سمي بذلك لأن الناس يقرون فيه بمنى.

(فَطَفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ إِلَيْهِ بِأَيَّتِهِنَّ يَبْدَأُ)قَالَ الطِّيبِيُّ  رَحِمَهُ اللَّهُ: أَيْ: مُنْتَظِرَاتٌ بِأَيَّتِهِنَّ يَبْدَأُ لِلتَّبَرُّكِ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  فِي نَحْرِهِنَّ اهـ من «مرقاة المفاتيح»(5/1826).

وفي هذا الحديث من الفوائد:

-قال الشوكاني رحمه الله في «نيل الأوطار»(5/155): فِي هَذِهِ مُعْجِزَةٌ ظَاهِرَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  حَيْثُ تُسَارِعُ إلَيْهِ الدَّوَابُّ الَّتِي لَا تَعْقِلُ لِإِرَاقَةِ دَمِهَا تَبَرُّكًا بِهِ .

فَيَا لِلَّهِ الْعَجَبُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ، كَيْفَ يَكُونُ هَذَا النَّوْعُ الْبَهِيمِيِّ أَهْدَى مِنْ أَكْثَرِهِ وَأَعْرَفَ؟ تَقْرُبُ هَذِهِ الْعُجْمُ إلَيْهِ لِإِزْهَاقِ أَرْوَاحِهَا وَفَرْيِ أَوْدَاجِهَا ،وَتَتَنَافَسُ فِي ذَلِكَ وَتَتَسَابَقُ إلَيْهِ، مَعَ كَوْنِهَا لَا تَرْجُو جَنَّةً وَلَا تَخَافُ نَارًا، وَيَبْعُدُ ذَلِكَ النَّاطِقُ الْعَاقِلُ عَنْهُ مَعَ كَوْنِهِ يَنَالُ بِالْقُرْبِ مِنْهُ النَّعِيمَ الْآجِلَ وَالْعَاجِلَ ،وَلَا يُصِيبُهُ ضَرَرٌ فِي نَفْسٍ وَلَا مَالٍ ،حَتَّى قَالَ الْقَائِلُ مُظْهِرًا لِشِدَّةِ حِرْصِهِ عَلَى قَتْلِ الْمُصْطَفَى  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  أَيْنَ مُحَمَّدُ لَا نَجَوْت إنْ نَجَا، وَأَرَاقَ الْآخَرُ دَمَهُ وَكَسَرَ ثَنِيَّتَهُ، فَانْظُرْ إلَى هَذَا التَّفَاوُتِ الَّذِي يَضْحَكُ مِنْهُ إبْلِيسُ، وَلِأَمْرٍ مَا كَانَ الْكَافِرُ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ.اهـ

وذكر الحديث والدي رحمه الله في «الصحيح المسند من دلائل النبوة»(102).

تحت عنوان:«ومن دلائل النبوة أدب الحيوان معه صلى الله عليه وعلى آله وسلم».

-استُدل به  على جواز النثار .رُوِيَ هذا عَنْ أَحْمَدَ ،وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَقَتَادَةَ، وَالنَّخَعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَابْنِ الْمُنْذِرِ كما في«المغني»(مسألة 5683).

وَجاء عن الإمام أحمد في رواية عنه  ومَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ وآخرين أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِهِ .واستدل لذلك ابن قدامة بحديث: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ النُّهْبَى وَالْمُثْلَةِ»(رواه البخاري 2474عن عبدالله بن يزيد الأنصاري).

قال:  وَلِأَنَّ فِيهِ نَهْبًا، وَتَزَاحُمًا، وَقِتَالًا، وَرُبَّمَا أَخَذَهُ مَنْ يَكْرَهُ صَاحِبَ النِّثَارِ، لِحِرْصِهِ وَشَرَهِهِ وَدَنَاءَةِ نَفْسِهِ، وَيُحْرَمُهُ مَنْ يُحِبُّ صَاحِبَهُ؛ لِمُرُوءَتِهِ وَصِيَانَةِ نَفْسِهِ وَعِرْضِهِ، وَالْغَالِبُ هَذَا، فَإِنَّ أَهْلَ الْمُرُوءاتِ يَصُونُونَ أَنْفُسَهُمْ عَنْ مُزَاحَمَةِ سَفَلَةِ النَّاسِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ غَيْرِهِ، وَلِأَنَّ فِي هَذَا دَنَاءَةً، وَاَللَّهُ يُحِبُّ مَعَالِي الْأُمُورِ، وَيَكْرَهُ سَفْسَافَهَا.

فَأَمَّا خَبَرُ الْبَدَنَاتِ، فَيَحْتَمِلُ أَنَّ النَّبِيَّ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  عَلِمَ أَنَّهُ لَا نُهْبَةَ فِي ذَلِك، لِكَثْرَةِ اللَّحْمِ، وَقِلَّةِ الْآخِذِينَ، أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لِاشْتِغَالِهِ بِالْمَنَاسِكِ عَنْ تَفْرِيقِهَا.

 وَفِي الْجُمْلَةِ: فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي كَرَاهِيَةِ ذَلِكَ، وَأَمَّا إبَاحَتُهُ فَلَا خِلَافَ فِيهَا، وَلَا فِي الِالْتِقَاطِ، لِأَنَّهُ نَوْعُ إبَاحَةٍ لِمَالِهِ، فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْإِبَاحَاتِ.اهـ

فالأولى :أن يُعطَى الناس بأيديهم لما في النثار من التجاذب والتنازع ورفع الأصوات ،وللمعاني التي  تقدمت في كلامِ ابن قدامة.

و(النثار) مَا نُثر فِي حفلات السرُور من حلوى أَو نقود يُقَال مَا أصبت من النثار شَيْئا .«المعجم الوسيط».

-وفيه دليل لمسألةٍ يذكرها أهل المصطلح أنه إذا خفي على الطالب بعض الكلمات اليسيرة يستفهمُها من صاحبِه .