جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 13 أكتوبر 2016

(51)سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ


        من شُبَه القائلين بنفي رؤية الله عز وجل في الآخرة

مما لا يختلف فيه أهل السنة أن المؤمنين يرون ربهم في الآخرة  .

ومن نفى رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة فهو من أهل البدع ،مخالف لما 

عليه السلف .
قال شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى»(6/504) عن مسألة رؤية الله في الموقف هل هي عامة لجميع أهل الموقف قال: لَا يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يَجْعَلُوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِحْنَةً وَشِعَارًا يُفَضِّلُونَ بِهَا بَيْنَ إخْوَانِهِمْ وَأَضْدَادِهِمْ؛ فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا مِمَّا يَكْرَهُهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. وَكَذَلِكَ لَا يُفَاتِحُوا فِيهَا عَوَامَّ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ هُمْ فِي عَافِيَةٍ وَسَلَامٍ عَنْ الْفِتَنِ وَلَكِنْ إذَا سُئِلَ الرَّجُلُ عَنْهَا أَوْ رَأَى مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِتَعْرِيفِهِ ذَلِكَ أَلْقَى إلَيْهِ مِمَّا عِنْدَهُ مِنْ الْعِلْمِ مَا يَرْجُو النَّفْعَ بِهِ.
قال:بِخِلَافِ الْإِيمَانِ بِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَ رَبَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّ الْإِيمَانَ بِذَلِكَ فَرْضٌ وَاجِبٌ؛ لِمَا قَدْ تَوَاتَرَ فِيهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحَابَتِهِ وَسَلَفِ الْأُمَّةِ. اهـ المراد.
ومن شبه نفاة رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة:
1- قول الله تعالى: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام:103]. وردَّ أهل العلم هذه الشبهة بأن الإدراك أخص؛ لأن معناه الإحاطة، ولهذا لما قال أصحاب موسى: ﴿إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)﴾ [الشعراء]. رأى أصحاب موسى فرعونَ وقومه وخافوا من الإدراك والإحاطة بهم، فنفَى موسى عليه الصلاة والسلام الإدراك لهم بقوله: ﴿كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾. و(كَلَّا) حرف ردع وزجر.
2- قول موسى عليه الصلاة والسلام: ﴿رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأعراف:143]. قالوا: لن لنفي التأبيد، وقد رد عليهم أهل العلم بأنها ليست للتأبيد قال ابن مالك:
وَمَنْ رَأى النَّفْيَ بِلَنْ مُؤَبَّداً  **  فَقَوْلَهُ اردُدْ وَسِواهُ فاعضُدا
و لو كان الله لا يُرى  مطلقًا لما سأل ذلك موسى عليه الصلاة والسلام،فالآية فيها دليل على رؤية الله في الآخرة.
 وقد قال ابن القيم رحمه الله في «حادي الأرواح» (ص:293) عن شيخه ابن تيمية: أنا ألتزم أنه لا يحتج مبطل بآية أو حديث صحيح على باطله إلا وفي ذلك الدليل ما يدل على نقيض قوله. اهـ.
إلى غير ذلك من شبههم .
وأجدر وأخلق بمن نفى رؤية الله في الآخرة أن يكون من المحرومين لها ،ألا ذلك هو الخسران المبين.
قال ابن القيم رحمه الله في «حادي الأرواح»(ص:285): هذا الباب-أي رؤية المؤمنين لربهم- أشرف أبواب الكتاب وأجلها قدرًا وأعلاها خطرًا ،وأقرها عينًا أهل السنة والجماعة ،وأشدها على أهل البدعة والضلالة ،وهي الغاية التي شمَّر إليها المشمرون، وتنافس فيها المتنافسون، وتسابق إليها المتسابقون ،ولمثلِها فليعمل العاملون ،إذا ناله أهل الجنة نسوا ما هم فيه من النعيم .
وحرمانه والحجاب عنه لأهل الجحيم أشد عليهم من عذاب الجحيم ،اتفق عليها الأنبياء والمرسلون وجميع الصحابة والتابعون وأئمة الإسلام على تتابع القرون .
وأنكرها أهلُ البدع المارقون ،والجهمية المتهوكون ،والفرعونية المعطلون، والباطنية الذين هم من جميع الأديان منسلخون، والرافضة الذين هم بحبائل الشيطان متمسكون ،ومن حبل الله منقطعون، وعلى مسبَّة أصحاب رسول الله عاكفون، وللسنة وأهلِها محاربون، ولكلِّ عدو لله ورسوله ودينه مسالمون ،وكل هؤلاء عن ربهم محجوبون ،وعن بابه مطرودون، أولئك أحزاب الضلال وشيعة اللعين وأعداء الرسول وحزبه اهـ.