جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 22 سبتمبر 2016

رسالتي إلى الأخوات السلفيات


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله  أما بعد .
فهذا تلبية لطلب أختي في الله أم يوسف التركية حفظها الله وبارك فيها فقد قدَّمت طلبًا وقالت:
فضيلة الشيخة أم عبد الله
هل لكم نصيحة للنساء السلفيات في ألمانيا و بخاصة النساء المشاركات في مجموعتنا ؟.
ونصيحتي للأخوات السلفيات بألمانيا بأمورٍ :
1-التحلِّي بتقوى الله فإنها وصية الله لخلقه الأولين والآخرين قال تعالى:{ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}.
والتقوى كلمة جامعة معناها: امتثالُ أوامر الله واجتناب نواهيه .
2-الالتزام بأحكام الإسلام ومنهج السلف قال تعالى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ }.
3-الرجوع إلى أهل العلم الراسخين وإلى كتبهم وعلمهم فإن هذا أنفع وأسلم من التخبطات والزَّلات  قال تعالى :{ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا } ،وقال سبحانه :{ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} وأهل الذكر هم العلماء.
فاحرصن على الاستفادة من العلماء الراسخين كالشيخ الألباني ،وابن باز، وابن عثيمين ،والشيخ الوالد مقبل الوادعي ،والشيخ صالح الفوزان ،وغيرهم من أهل العلم .
وهكذا الكتب المتقدمة ك- صحيح البخاري ،وصحيح مسلم ،ورياض الصالحين ،وتفسير ابن كثير ،وتفسير السعدي وهو من الكتب المتأخرة ،والسنة لابن أبي عاصم،والشريعة للآجري، وكتب شيخ الإسلام ،وكتب ابن القيم وغيرها من المراجع .
وأول خطوة في طلب العلم يكون بالتلقي والجلوس في حلقات العلم ،وفي ذلك من البركة ،وارتساخ المعلومة ،وتبصير الطالب بالصواب من الخطأ ،سمعت والدي الشيخ مقبل بن هادي رحمه الله يقول: رُبَّ جلسةٍ عند المعلِّم تعدلُ قراءة شهرٍ .
وقال ابن الوردي رحمه الله في لا ميته :
اتَّخِذْ شَيْخًا يُجنِّبْكَ الرَّدى...ويُبَيِّنْ لكَ أعلامَ الهُدى.
4-الاهتمام بالعلم الشرعي والتفقه في دين الله حتى تعبدن الله على بصيرة، وترفعن الجهل عن أنفسكن،ولا شيء أرفع ولا أسعد من العلم قال تعالى :{ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ }.وروى مسلم في صحيحه (2699) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ».
فاجتهدن في تحصيل العلم ثم العمل به لأن العمل ثمرة العلم وفائدته ثم تعليمه ونشره .
5- الاهتمام بالعقيدة والتوحيد لأن ذلك هو الأساس والأصل ،وهوأول ما يجب علينا تعلمه وتعليمه ، قال سبحانه: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ﴾ [محمد:19]. وروى البخاري (1458)، ومسلم (19)  عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى اليَمَنِ، قَالَ: «إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ، فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِذَا أَطَاعُوا بِهَا، فَخُذْ مِنْهُمْ وَتَوَقَّ كَرَائِمَ أَمْوَالِ النَّاسِ» .
وفي «سنن ابن ماجة» (61) من حديث جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِتْيَانٌ حَزَاوِرَةٌ، «فَتَعَلَّمْنَا الْإِيمَانَ قَبْلَ أَنْ نَتَعَلَّمَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ تَعَلَّمْنَا الْقُرْآنَ فَازْدَدْنَا بِهِ إِيمَانًا».
(والحزَوَّر : هُوَ الَّذِي قَارَبَ الْبُلُوغَ. «النهاية في غريب الحديث»(1/380)).
وهذه طريقة أنبياء الله ورسله البدء بالعقيدة وبالأهم فالأهم .
6-الابتعاد عن النزاع والفُرقة فيما بينكن أيتها السلفيات فإن هذا قوَّة كما قال تعالى :{ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
وتذهب ريحكم أي: قوَّتكُم .
وإن الفُرقةَ والتنازع ليسعى إليه أعداءُ الله بشتى الوسائل لِما يعلمون من أضراره  وآثاره السيئة على المسلمين ولهذا ربُّنا سبحانه وتعالى يقول:{ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا }.
والسلفي : هو المتمسك بالكتاب والسنة على فهمِ السلف الصالح .
7-الصبر والتصبر فإن الجنة محفوفة بالمكاره ،وليست ممهدة بالورود والزُّهور ،الجنة صعود والصُّعود شاق ،والنار نزول فالوصول إليها سهل ، الذي يمشي في نزول تجري قدمُه وقد لا يستطيع يمسكها لأنه في نزول ،فهكذا الطريق إلى النار الوصول إليها بكلِّ سهولة أعاذنا الله منها ،كلمة واحدة لا يلقي لها بالًا يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب ،فما أحوجنا إلى خُلُقِ الصبر ،وفي القرآن الكريم والسنة النبوية التربية لنا على الصبر والشكر  قال تعالى:{ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ}،وقال تعالى :{ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} ،وقال تعالى :{ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ}.
والحياة كلُّها تحتاج إلى صبر ، والذي يصبر هو في عبادةٍ عظيمة ،الصبر بأنواعه الثلاثة :
الصبر على طاعة الله ،الصبر على أقدار الله، الصبر عن معصية الله .
8-اغتنام الأوقات في طاعة الله فإن العمر قصير فاعمرْنَ الأوقات بطاعة الله سبحانه ،وأنفس ما تصرف فيه الأوقات طلب العلم وحفظ القرآن ،والوقت نعمة وسيسألنا ربنا سبحانه عن أوقاتنا قال تعالى: { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}.
وضياع الوقت خسارة أيما خسارة ،وأهل العلم يعدُّون إضاعة الوقت أشد من الموت . قال ابن القيم رحمه الله في الفوائد(ص:31): إِضَاعَة الْوَقْت أَشد من الْمَوْت لِأَن إِضَاعَة الْوَقْت تقطعك عَن الله وَالدَّار الْآخِرَة وَالْمَوْت يقطعك عَن الدُّنْيَا وَأَهْلهَا .اهـ.
وعلى قدرِ الإيمان يكون الحرص على الوقت فاستعيني بالله وحافظي على وقتك قبل الندامة والحسرة فإن الحياة قليلة والصوارف كثيرة.
9-البُعد عن الفتن وبغضها كالفُرقة والعداوة والمشاكل والاندفاع إلى الدنيا وحطامها  والحذر من الشبهات والشهوات فإن ربنا سبحانه يقول :{ مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}.
 واستعذن بالله من الفتن كما علمنا رسولنا صلى الله عليه وعلى آله وسلم  .روى مسلم في صحيحه  (2867)عن زيد بن ثابت  رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم  الحديث وفي آخره: «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الْفِتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ» قَالُوا: نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، قَالَ: «تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ» قَالُوا: نَعُوذُ بِاللهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ .
ولا تسألي عن شيء إلا لقصد الاستفادة  ومعرفة الحقِّ  لا لغرضٍ فاسدٍ أو لهوى أو نشر الفتن  في أوساط الناس ،أو لتتبع الرُّخص فإن هذا مذموم عند السلف .
10- الولاء والبراء في الله سبحانه فإن هذا من عقيدتنا موالاة الحق وأهله، وبغض الباطل وأهله، ولو كان من الأقربين ،وهذا هو الحب في الله والبغض في الله .
هذا وأسأل من ربي أن يوفقكن لتقواه وأن يثبتنا جميعًا  على  السنة وأن يعيذنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
كما أرجو من ربي أن تكون هذه الرسالة نافعة لجميع أخواتي في الله السلفيات في مشارق الأرض ومغاربها .
كتبته أم عبدالله بنت الشيخ مقبل  الوادعي رحمه الله 20/12/ 1437 .