جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 4 يوليو 2016

(23)مِنْ أَحْكَامِ الصِّيَامِ

       
                      الفرح بإتمام الصيام
إن من الفرح والسرور المشروع الفرح بإتمام الصيام .قال تعالى { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ }.
وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الحديث وفيه : " لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ ".
وعند مسلم: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ.
وفي فرح الصائم بفطره قولان
أحدهما :أنه فَرِحَ بِزَوَالِ جُوعِهِ وَعَطَشِهِ حَيْثُ أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرَ وَهَذَا الْفَرَح طَبِيعِيّ .
الثاني: إِنَّ فَرَحَهُ بِفِطْرِهِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ تَمَامُ صَوْمِهِ وَخَاتِمَة عِبَادَته وَتَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّهِ وَمَعُونَةٌ عَلَى مُسْتَقْبَل صَوْمه .
 قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» تحت رقم (1904)قُلْت : وَلَا مَانِعَ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِمَّا ذُكِرَ ، فَفَرَحُ كُلّ أَحَدٍ بِحَسَبِهِ لِاخْتِلَافِ مَقَامَاتِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ فَرَحُهُ مُبَاحًا وَهُوَ الطَّبِيعِيُّ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا وَهُوَ مَنْ يَكُونُ سَبَبَهُ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَهُ .اهـ.

وقال النووي رحمه الله في «شرح صحيح مسلم» (8/31): قال العلماء أما فرحته عند لقاء ربه فبما يراه من جزائه وتذكر نعمة الله تعالى عليه بتوفيقه لذلك .
وأما عند فطره فسببها تمام عبادته وسلامتها من المفسدات وما يرجوه من ثوابها .اهـ.
فينبغي للصائمين الذين أنعم ربهم عليهم بالقيام بصيام شهر رمضان وقيام لياليه أن يشكروا الله ويحمدوه قال تعالى:{ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
وأن يستمروا على ما اعتادوه من الخير من الاهتمام بالقرآن وكثرة الاستغفار والمحافظة على قيام الليل والتحلي بالتقوى والمكارم  والمسابقة إلى رضوان الله وصيانة الجوارح من ارتكاب الآثام والمعاصي فإن ربنا عزوجل يقول { وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا}. فلا نعود إلى الكسل والغفلة والمعاصي والتواني.
ومن جزاء الحسنة الحسنةُ بعدها ،ومن جزاء السيئة السيئةُ بعدها فنرجو أن يكون القيام بعبادة الصيام والقيام والإقبال على رضا الله في شهر رمضان سببًا للتقدم إلى الجنة والآخرة وإلى تحسُّن الحال فيما بعد ذلك.
وهذا من علامة قبول العبادة عند الله.
وإن من يتأمل ابتداء دخول شهر رمضان -شهر القرآن والرحمة والمغفرة- وتناقصه ثم نهايته ليجد عبرةً وعظة له في نفسه وعمره وحياته، الله عزوجل يقول عن رمضان :{ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} .
وهكذا عمرك أيها الإنسان أيامه معدودة ،يُطوى مع الأيام والليالي ثم ينتهي.
إن هذا ليذكِّرنا بأن هذه الحياة حياة سفر وحياة زوال وفناء لا حياة استقرار واستيطان  .


نسأل من الله القبول والثبات .