جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 17 مارس 2016

(60) سِلْسِلَةُ الفَوَائِدِالعِلْمِيَّةِ والمَسَائِلِ الفِقْهِيَّة

ترجمةٌ مختصرةٌ لأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه

أبوهريرة مُختلَفٌ في اسمه على أقوال والمشهور أنه عبد الرحمن بن صخر.
 هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه حافظ الصحابة، بل هو أحفظ الأمة.
قال الذهبي رحمه الله تعالـى في الموقظة: و الحفاظ طبقات ذروتهم أبو هريرة رضي الله عنه.
أبوهريرة أسلم عام خيبر في السنة السابعة من الهجرة.
وحبُّه من الإيمان و بغضه من النفاق، فقد روى مسلم في صحيحه (2491) عن أَبُي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه الحديث في قصة إسلام أمِّ أبي هريرة وفي آخره :قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ أَنْ يُحَبِّبَنِي أَنَا وَأُمِّي إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيُحَبِّبَهُمْ إِلَيْنَا، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا - يَعْنِي أَبَا هُرَيْرَةَ - وَأُمَّهُ إِلَى عِبَادِكَ الْمُؤْمِنِينَ، وَحَبِّبْ إِلَيْهِمِ الْمُؤْمِنِينَ» فَمَا خُلِقَ مُؤْمِنٌ يَسْمَعُ بِي وَلَا يَرَانِي إِلَّا أَحَبَّنِي.
و الرافضة يبغضون أبا هريرة، ويسبُّونه بل يسبون صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه و على آله و سلم، ولايحبون إلا أهل البيت فيما يزعمون .
وقد جاء النَّهْي عن سبِّ الصحابة  كما في صحيح البخاري (3673) وصحيح مسلم (2541) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ، ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلاَ نَصِيفَهُ.
فلا يجوز أن يُسَبَّ أحدٌ من الصحابة ، حتى من لابس منهم الحروب ونحوها، بل نقول كما قال ربنا عزو جل: { تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[البقرة:141].
أبوهريرة ـ رضي الله عنه ـ كان بعضهم يَنتقد عليه الإكثار من الحديث، فيقول كما في الصحيحين البخاري (2350) ومسلم (2492): "يَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الحَدِيثَ، وَاللَّهُ المَوْعِدُ، وَيَقُولُونَ: مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ لاَ يُحَدِّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ؟ وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنَ المُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا، أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، فَأَحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ، وَأَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ ...." الحديث.
وأخرج ابنُ سعدٍ في الطبقات ترجمة أبي هريرة من طريق الْمَقْبُرِيِّ وهو سعيد ابنُ أبي سعيد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ النَّاسَ قَدْ قَالُوا: قَدْ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنَ الأَحَادِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَلَقِيتُ رَجُلا فَقُلْتُ: أَيَّةَ سُورَةٍ قَرَأَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  الْبَارِحَةَ فِي الْعَتَمَةِ؟. فَقَالَ: لا أَدْرِي! فَقُلْتُ: أَلَمْ تَشْهَدْهَا؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: قُلْتُ وَلَكِنِّي أَدْرِي قَرَأَ سُورَةَ كَذَا وَكَذَا .
وسندهُ حسن  .
مشيرًا إلى اهتمامه بالعلم واجتهاده رضي الله عنه.
وفي المستدرك عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا دَعَتْ أَبَا هُرَيْرَةَ ، فَقَالَتْ لَهُ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، مَا هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي تَبْلُغُنَا أَنَّكَ تُحَدِّثُ بِهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ؟ هَلْ سَمِعْتَ إِلَّا مَا سَمِعْنَا ؟ وَهَلْ رَأَيْتَ إِلَّا مَا رَأَيْنَا ؟ قَالَ : يَا أُمَّاهُ ، إِنَّهُ كَانَ يَشْغَلُكِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ الْمَرْآةُ وَالْمُكْحُلَةُ ، وَالتَّصَنُّعُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا كَانَ يَشْغَلُنِي عَنْهُ شَيْءٌ.
وأخرجه يعقوب بن سفيان في«المعرفة والتاريخ» (1/486)  وهو أثرٌ صحيح.
فأفحمَها رضي اللهُ عنهما .
وقد شهد له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالحرص على الحديث  ففي صحيح البخاري في كتاب العلم (قال لقد ظننت ألا يسألني أحدٌ غيرك لما علمت من حرصك على الحديث) 
ما أحسن حياة الصحابة  ، حياة تبعث في القلوب الحياة ، وقوَّةَ الإيمان ،والهمة العالية ، والرغبة في الآخرة .
هذا الصحابي الجليل فضائله كثيرة لازم النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أربع سنين.
وابن عمر يشهد له ويقول: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْتَ كُنْتَ أَلْزَمَنَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْفَظَنَا لِحَدِيثِهِ. كما جاء عند الترمذي .

احترام الصحابة، و محبتهم، و حسن الظن بهم واجب ،وهذا من عقيدتنا .

رضي الله عن أبي هريرة وعن سائرصحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أجمعين .