صفةُ الصبرِ لله عزَّوَجلَّ
أخرج البخاري في كتاب التوحيد (7378) ومسلم(2804) رحمهما الله عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ:
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ:( مَا أَحَدٌ أَصْبَرَ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ
مِنْ اللَّهِ يَدَّعُونَ لَهُ الْوَلَدَ ثُمَّ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ) .
في هذا الحديث إثبات صفة الصبر لله عز وجل .
نُثبتها مع إثبات المعنى لأن المعنى معلوم من غير تمثيل.
التفويض في معنى صفات الله عزوجل لا يجوز ،المعنى معلوم
.
ولا يجوزُ
نسبةُ التفويضِ في المعنى إلى أهلِ
السُّنَّة .
التفويض في كيفية صفات الله سبحانه هذا لا بدَّ منه لأن
الكيف مجهول { ولا يحيطون به علما} .
وهنا تأتي مسألة صفات الله عز وجل هل هي من قبيل المحكم
أو المتشابه؟
من قبيل المُحكم باعتبار أن معناها معلوم فالمعنى معلوم،
السمع معلوم و هو الذي يَسمعُ الأصوات ، و البصير
الذي يُبصِرُ ، وتعالى الله عن تشبيهه {وَلِلَّهِ الْمَثَلُ
الْأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[النحل:60].
وصفات الله من
قبيل المتشابه من حيث الكيفية، (الكيف مجهول) كما قال الإمام مالك ـ رحمه الله تعالى
ـ
والدليل قوله عز وجل: { وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}
[طه:110].
وهذا تفصيل مهم في هذه المسألة .
و من قال : إن
صفات الله تعالى من قسم المتشابه-أي مُطلقاً بدون تفصيل
- فهو مخطئ .
ذكرالشيخ الوالد
مقبل ـ رحمه الله تعالى ـ أنه جاء هذا عن السيوطي
.
قلت : كلام السيوطي في كتابه الإتقان في علوم القرآن (3/ 14) يقول:مِنَ
الْمُتَشَابِهِ آيَاتُ الصِّفَاتِ ....
والسيوطي رحمه الله أشعريُّ العقيدةِ .
تنبيهٌ : الصبر من صفاتِ الله ومن صفات المخلوقين، و لكن شتَّان
بينهما فلا مماثَلَةَ
قال ابن القيم رحمه الله في عِدَةِ الصابرين 276:
وصبره تعالى يفارق صبرَ المخلوق ولا يماثله من وجوه متعددة
.
منها : أنه عن قُدرة تامَّة .
ومنها : أنه لا يلحقه بصبره ألمٌ ولا حزن ولا نقص بوجهٍ
ما . اهـ المراد