جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 29 أكتوبر 2017

(53)أحاديث مختارة من أحاديث «الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين»لوالدي رحمه اللهُ



                            من كبائرالذنوب

عَنْ أَبِي بَكْرَةَ،رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ تَعَالَى لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِثْلُ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ»رواه أبو داود(4902).

[هذا حديث حسن.الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين(1166)].


-------------------
(مِثْلُ الْبَغْيِ) كالظُّلْمِ أَوِ الْخُرُوج عَلَى السُّلْطَانِ أَوِ الْكِبْر.(عون المعبود13/167).

ولمَّا كان الكبْر والتعالِي من أسباب البغي أمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالتواضع. روى الإمامُ مسلم (2865) عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:«إِنَّ اللهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَبْغِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ».

ومن البغي:السرقة ،الكذب ،البهتان،الغيبة.

قال ابن القيم في مدارج السالكين(1/377):غالبُ الْبَغْي اسْتِعْمَالُهُ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ وَالِاسْتِطَالَةِ عَلَيْهِمْ.


هذا الحديث فيه:

عِظَمُ ذنب البغي وقطيعة الرحم وأنه من كبائر الذنوب.

وقد ضمِنَ الله بالنصر لِمَن بُغِيَ عليه فقال سبحانه:(ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ).

ومن الأدعية النبوية :عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  يَدْعُو: «رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرْ هُدَايَ إِلَيَّ، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي لَكَ شَاكِرًا، لَكَ ذَاكِرًا، لَكَ رَاهِبًا، لَكَ مِطْوَاعًا إِلَيْكَ، مُخْبِتًا، أَوْ مُنِيبًا، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَسَدِّدْ لِسَانِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي». رواه أبو داود (1510).

والبغي من أعظمِ مضارِّه ومفاسده أنه:

سببٌ للفُرْقَة والاختلاف . قال تعالى:(وَمَا تَفَرَّقُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) [الشورى14] وقال تعالى:(وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرائيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)[الجاثية17- 16] .بيَّن سبحانه أن الذي حملهم على التفرُّق هو البغي.

ولا يسلمُ  من البغي إلا من سلَّمه الله .

 قال ابنُ القيم رحمه الله في الفوائد(74): سُبْحَانَ الله فِي النَّفس كِبر إِبْلِيس ،وحسد قابيل ،وعتو عَاد، وطغيان ثَمُود،وجرأة نمْرُود ،واستطالة فِرْعَوْن، وبغي قَارون، ..وَهوى بلعام، وحيل أَصْحَاب السبت، وتمرد الوليد، وَجَهل أبي جهل .

وفيهَا من أَخْلَاق الْبَهَائِم: حرص الْغُرَاب ،وشره الْكَلْب ورعونة الطاووس، ودناءة الْجعل، وعقوق الضَّب، وحقد الْجمل ،ووثوب الفهد،وصولة الْأسد ،وَفسق الْفَأْرَة، وخبث الْحَيَّة، وعبث القرد ،وَجمع النملة، ومكر الثَّعْلَب، وخفة الْفراش ،ونوم الضبع، غير أَن الرياضة والمجاهدة تُذْهِبُ ذَلِك .اهـ