جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 16 يناير 2017

(1)تذكيرٌ بالصحابة رضي الله عنهم

         
             المغيرة بن شعبة الثقفي رضي الله عنه
المغيرة بن شعبة أحد دواهي العرب حتى قال قبيصة بن جابر: لَو أَنَّ مدينةً لَهَا ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، لا يُخْرَجُ مِنْ بَابٍ مِنْهَا إِلَّا بِمَكْرٍ، لَخَرَجَ مِنْ أَبْوَابِهَا كُلِّهَا.
أخرجه الفسوي في «المعرفة والتاريخ»(1/458)،و ابن عساكر في «تاريخ دمشق»(46/180)من طريق مجالد بن سعيد عن الشعبي عن قبيصة بن جابر قال:«صحبت المغيرة بن شعبة فَلَوْ أَنَّ مَدِينَةً لَهَا ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ..» .
ومجالد بن سعيد :ضعيف ،ولكن أخرجه ابن عساكر في «تاريخ دمشق»(49/249)من طريق عبد الملك بن عمير عن قبيصة به.فالأثر صحيح . وقبيصة بن جابر بن وهب الأسدي أبو العلاء الكوفي ثقة من الثانية مخضرم .«تقريب التهذيب».



كتبت عن والدي الشيخ مقبل رحمه الله:المغيرة بن شعبة كان آيةً في الذكاء، لعله لا يُخدَعُ .اهـ
-وهناك أثر مشهور في كتب التراجم ،يقول المغيرة بن شعبة :ما خدعني أحد فِي الدنيا إلا غلام من بني الحارث، خطبتُ امرأة منهم فأصغى إلي الغلام وَقَالَ: أيها الأمير لا خير لك فيها، إني رأيت رجلا يقبلها، فبلغني أن الغلام تزوجها. قلت: أليس زعمت أنك رأيت رجلا يقبلها.
قَالَ: ما كذبت أيها الأمير، رأيت أباها يقبِّلها! فكلما ذكرت قوله علمت أنه خدعني.أخرجه الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد»(4/469)،وإسناده عند الخطيب  ضعيف. فيه مجالد بن سعيد ،وهو ضعيف.
-وأول سفرة يحضرها المغيرة مع النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ في صلح الحديبية.
-ولمَّا بعثت قريشٌ عروة بن مسعود الثقفي إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يوم  الحديبية،كان يمس لحية رسول الله ،وكان المغيرة بن شعبة رضي الله عنه يمنعه إجلالًا وتعظيمًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم  ،والحديث بطوله رواه البخاري (2731) عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه ومروان ،وفيه: وَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُلَّمَا تَكَلَّمَ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، وَالمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَهُ السَّيْفُ وَعَلَيْهِ المِغْفَرُ، فَكُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ إِلَى لِحْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ، وَقَالَ لَهُ: أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَقَالَ: أَيْ غُدَرُ، أَلَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ؟ وَكَانَ المُغِيرَةُ صَحِبَ قَوْمًا فِي الجَاهِلِيَّةِ فَقَتَلَهُمْ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ فَأَسْلَمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا الإِسْلاَمَ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا المَالَ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ».
-وقوله:«أَمَّا الإِسْلاَمَ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا المَالَ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ» قال ابن القيم رحمه الله في «زاد المعاد»(3/271)فيه: دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَالَ الْمُشْرِكِ الْمُعَاهَدِ مَعْصُومٌ، وَأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ بَلْ يُرَدُّ عَلَيْهِ، فَإِنَّ المغيرة كَانَ قَدْ صَحِبَهُمْ عَلَى الْأَمَانِ ثُمَّ غَدَرَ بِهِمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، فَلَمْ يَتَعَرَّضِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَمْوَالِهِمْ وَلَا ذَبَّ عَنْهَا، وَلَا ضَمِنَهَا لَهُمْ، لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ إِسْلَامِ المغيرة.اهـ
-ومس عروة بن مسعود لحية النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ هذا من سوء الأدب مع رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ،قال ابن القيم رحمه الله في «زاد المعاد»(3/271):فيه احْتِمَالُ قِلَّةِ أَدَبِ رَسُولِ الْكُفَّارِ وَجَهْلِهِ وَجَفْوَتِهِ، وَلَا يُقَابَلُ عَلَى ذَلِكَ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، وَلَمْ يُقَابِلِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عروة عَلَى أَخْذِهِ بِلِحْيَتِهِ وَقْتَ خِطَابِهِ، وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ عَادَةَ الْعَرَبِ، لَكِنَّ الْوَقَارَ وَالتَّعْظِيمَ خِلَافُ ذَلِكَ.اهـ
وقال القاري في «مرقاة المفاتيح»(6/2614):قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَكَانَتْ عَادَةُ الْعَرَبِ أَنْ يَتَنَاوَلَ الرَّجُلُ لِحْيَةَ مَنْ يُكَلِّمُهُ لَا سِيَّمَا عِنْدَ الْمُلَاطَفَةِ، وَفِي الْغَالِبِ إِنَّمَا يَصْنَعُ ذَلِكَ النَّظِيرُ بِالنَّظِيرِ، لَكِنْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْضِي لِعُرْوَةَ اسْتِمَالَةً لَهُ وَتَأْلِيفًا وَالْمُغِيرَةُ يَمْنَعُهُ إِجْلَالًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَعْظِيمًا اهـ.
-وقد منَّ الله على عروة بن مسعود بالإسلام رضي الله عنه منصرف النبي صلى الله عليه وسلم من حنين والطائف ،وقُتل شهيدًا في السنة التاسعة .
رضي الله عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أجمعين.