182-وَعَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: رَأَيْتُ بِلَالًا يُؤَذِّنُ وَأَتَتَبَّعُ فَاهُ، هَاهُنَا وَهَاهُنَا، وَإِصْبَعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
وَلابْنِ مَاجَهْ: وَجَعَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ.
وَلأَبِي دَاوُدَ: لَوَى عُنُقَهُ، لَمَّا بَلَغَ: حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَمْ يَسْتَدِرْ، وَأَصْلُهُ فِي «الصَّحِيحَيْنِ».
لفظة: (وَلَمْ يَسْتَدِرْ) عند أبي داود (520)، وفي سندها قيس بن الربيع، وهو ضعيف.
والحديث أصله في «الصحيحين» بدون لفظة (وَلَمْ يَسْتَدِرْ)، ولفظة (وَإِصْبَعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ).
وفيه من الفوائد:
التفات المؤذن عند الحيعلَتَين، وقد جاء هذا صريحًا عند مسلم (503)، قَالَ: فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَا هُنَا وَهَا هُنَا-يَقُولُ-يَمِينًا وَشِمَالًا-: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ.
قالوا: الحكمة من أجل إسماع الناس؛ ولهذا ذهب بعض أهل العلم أن هذا لا يستحب مع وجود المكبرات، والصواب أنه على عمومه.
وفيه استحباب وضع الإصبعين في الأذنين للمؤذن، وهذا عليه جمهور أهل العلم.
هناك قول للإمام أحمد: أن المؤذن يبسط أصابع كفيه ويضعهما على أذنيه عند الأذان، ولكن لفظ الحديث جاء بالنص على الإصبع.
والحكمة من هذا:
أنه إذا وضع أصبعيه في أذنيه يكون أرفع لصوته، وليعرف من رآه من بعد أو به صمم أنه يؤذن.
ولفظة: (وَلَمْ يَسْتَدِرْ) فيها تفسير لما قبلها: أن المؤذن يبقى مستقبل القبلة، ولا ينحرف ببدنه، ولكن يلتفت برأسه يمينًا وشمالًا عند الحيعلتين، وهذا قول جمهور أهل العلم.
183-وَعَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْجَبَهُ صَوْتُهُ، فَعَلَّمَهُ الْأَذَانَ. رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
قال الصنعاني رَحِمَهُ اللهُ في «سبل السلام»(1/54): فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ صَوْتُ الْمُؤَذِّنِ حَسَنًا.
184-وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِيدَيْنِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ، بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
هذا فيه من الفوائد:
أن صلاة العيد ليس لها أذان ولا إقامة.
قال النووي رَحِمَهُ اللهُ في «شرح صحيح مسلم»(6/ 175): هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا أَذَانَ وَلَا إِقَامَةَ لِلْعِيدِ، وَهُوَ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ الْيَوْمَ.
186-وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ-فِي الْحَدِيثِ الطَّوِيلِ، فِي نَوْمهُمْ عَنِ الصَّلَاةِ-ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ كُلَّ يَوْمٍ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
هذا فيه الأذان للصلاة الفائتة سواء بنوم أو نسيان.
187-وَلَهُ عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ.
188-وَلَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ.
زَادَ أَبُو دَاوُدَ: لِكُلِّ صَلَاةٍ.
وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: وَلَمْ يُنَادِ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا.
في الحديث: الجمع بين الصلاتين المغرب والعشاء بمزدلفة للحاج.
الأذان للصلاة المجموعتين، وأنه يكون بأذان واحد وإقامتين، لكل صلاة إقامة، من غير تنفل بينهما: قال جابر بن عبدالله في سياق حجة الوداع: «حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا» رواه مسلم (1218)، أي: لم يتنفل.
(للصلاة المجموعتين) هذا في مزدلفة وفي عرفة وهكذا للمسافر، وبعض الحالات المرخَّص في الجَمع فيها.
فهذه السنة، وعلى هذا جمهور أهل العلم.
وخالف أبو حنيفة، وقال: بإقامة واحدة للصلاة المجموعتَين، دليله حديث ابن عمر: «جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ»، وهذا اللفظ تكلم عليه ابن القيم في «تهذيب السنن»، ووالدي في رسالته: «الجمع بين الصلاتين في السفر».
189 و 190-وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ»، وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى لَا يُنَادِي، حَتَّى يُقَالَ لَهُ: أَصْبَحْتَ، أَصْبَحْتَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي آخِرِهِ إِدْرَاجٌ.
(وَفِي آخِرِهِ إِدْرَاجٌ) وهو قوله: (وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى لَا يُنَادِي، حَتَّى يُقَالَ لَهُ: أَصْبَحْتَ، أَصْبَحْتَ).
وفيه من الفوائد:
مشروعية الأذان الأول في آخر الليل، والأذان الثاني عند طلوع الفجر الصادق.
وفيه: ترك الطعام والشراب عند النداء الثاني.
وليُعلم أنه من التنطع أن يكف عن الطعام والشراب عمدًا قبل الأذان بدقائق، وقد قال النّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ» قَالَهَا ثَلَاثًا، رواه مسلم (2670) عَنْ ابن مسعود.
وفيه: صحة أذان الأعمى، إذا كان له من يخبره من المؤتمنين.
وفيه: جواز النسبة إلى الأم إذا كان للتعريف.
191-وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ، إِنَّ بِلَالًا أَذَّنَ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْجِعَ، فَيُنَادِيَ: «أَلَا إِنَّ الْعَبْدَ نَامَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَضَعَّفَهُ.
الحديث ضعيف، وهِم في رفعه حماد بن سلمة.