جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 19 أكتوبر 2024

(163)سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ

 

المضاف إلى سُبحَانَهُ وَتَعَالَى

 

قال شيخ الإسلام في « مجموع الفتاوى» (2/155): وَالْمُضَافُ إِلَى اللَّهِ نَوْعَانِ:

 فَإِنَّ الْمُضَافَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ صِفَةً لَا تَقُومُ بِنَفْسِهَا كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْكَلَامِ وَالْحَيَاةِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ عَيْنًا قَائِمَةً بِنَفْسِهَا.

فَالْأَوَّلُ إِضَافَةُ صِفَةٍ كَقَوْلِهِ: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ ﴾ [البقرة: 255] وَقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ[الذاريات: 58]، وَقَوْلِهِ: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً [فصلت: 15].

وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ حَدِيثِ الِاسْتِخَارَةِ: «إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ».

وَقَوْلِهِ  تَعَالَى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا [الأنعام: 115]، وَقَوْلِهِ: ﴿ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ [الممتحنة: 10]، وَقَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ[الطلاق: 5].

 

 وَالثَّانِي: إِضَافَةُ عَيْنٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ [الحج: 26]، وَقَوْلِهِ: ﴿ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا [الشمس: 13]، وَقَوْلِهِ: ﴿عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ [الإنسان: 6].

 

 فَالْمُضَافُ فِي الْأَوَّلِ صِفَةٌ لِلَّهِ قَائِمَةٌ بِهِ لَيْسَتْ مَخْلُوقَةً لَهُ بَائِنَةً عَنْهُ.

 

وَالْمُضَافُ فِي الثَّانِي مَمْلُوكٌ لِلَّهِ مَخْلُوقٌ لَهُ بَائِنٌ عَنْهُ، لَكِنَّهُ مُفَضَّلٌ مُشَرَّفٌ؛ لِمَا خَصَّهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الصِّفَاتِ الَّتِي اقْتَضَتْ إِضَافَتَهُ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، كَمَا خَصَّ نَاقَةَ صَالِحٍ مِنْ بَيْنِ النُّوقِ، وَكَمَا خَصَّ بَيْتَهُ بِمَكَّةَ مِنَ الْبُيُوتِ، وَكَمَا خَصَّ عِبَادَهُ الصَّالِحِينَ مِنْ بَيْنِ الْخَلْقِ، وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ تَعَالَى:  ﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا [مريم: 17]؛ فَإِنَّهُ وَصَفَ هَذَا الرُّوحَ بِأَنَّهُ تَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا، وَأَنَّهَا اسْتَعَاذَتْ بِاللَّهِ مِنْهُ إِنْ كَانَ تَقِيًّا، وَأَنَّهُ قَالَ: ﴿إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ [مريم: 19]، وَهَذَا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا عَيْنٌ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا.