جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 20 أغسطس 2024

(11)من أحكام النكاح وآدابه

 

                              فضل الزواج

 

لقد رغَّبَ الشرع في الزواج ترغيبًا شديدًا.

وهو من سنن الأنبياء والمرسلين، قال الله تَعَالَى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (38) [الرعد].

 وعَنْ أَنَسٍ، أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا آكُلُ اللَّحْمَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَنَامُ عَلَى فِرَاشٍ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ. فَقَالَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ قَالُوا كَذَا وَكَذَا؟ لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» رواه البخاري(5063 ومسلم(1401).

 

وفوائده كثيرة:

ففيه العفة والتحصين.

والقيام بنفقة المرأة وعفتها ورعايتها.

وفيه تكثير أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ بالتناسل.

والربط بين الأسر بالمصاهرة، قال تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (54)﴾ [الفرقان:54].

هذا من الروابط، الروابط-بالنسبة لغير الدين-إما قرابة نسب أو مصاهرة، والزواج يربط بين الأسر، حتى إنه من حكمة الله قد يكون في النفس شيء بين الأُسرتين، بينهم شيء من البغضاء، ومنذ أن يتقدم لخطبة البنت، ينقشع ما في القلوب ويزول ما في قلوبهم، وتنقلب العداوة إلى محبة واحترام، وهذا واقع.

وفيه بناء الأسر والبيوت.

وفيه التعاون في الحياة؛ فالرجل يكتسب وينفق ويقوم بحقوق المرأة، والمرأة داخل البيت تقوم بالحقوق، وتهيئ الطعام والشراب والراحة، وتربي الأولاد، وغير ذلك مما هو من شؤونها.

ومن فوائد النكاح: أيضًا الراحة النفسية وزوال الكآبة؛ ولهذا تتحطم حياة من لا زوجة له أو لا زوج لها في وقت مبكر، وتأتي الشيخوخة مبكرة.

فلا يلتفت للفاشلات المتأثرات بالكفار، اللائي يدعين إلى العزوبية وأن فيه الحرية؛ هذا يعارض حكمة الله وشرعه، ويعارض المصالح الزوجية، والحياة السعيدة، فلا يستجيب لتلك الدعاوى إلا من انتكست فطرتها، وأعمى الله بصيرتها.

 

وبعد هذا فإليكم كلامًا لابن قدامة وابن باز رَحِمَهُا الله عن فوائد الزواج، وإن كان بعضه قد تقدم:

قال ابن قدامة في « المغني»(7/5): مَصَالِح النِّكَاحِ أَكْثَرُ؛ فَإِنَّهُ يَشْتَمِلُ عَلَى تَحْصِينِ الدِّينِ، وَإِحْرَازِهِ، وَتَحْصِينِ الْمَرْأَةِ وَحِفْظِهَا، وَالْقِيَامِ بِهَا، وَإِيجَادِ النَّسْلِ، وَتَكْثِيرِ الْأُمَّةِ، وَتَحْقِيقِ مُبَاهَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَصَالِحِ.

 

وفي مقطع صوتي للشيخ ابن باز، ما نصه: ينبغي للمؤمن أن يحرص عليه، وهو شعبة من الدين، وفرض من الفرائض، ومن أسباب العفة، وغض البصر، ومن أسباب الاستقامة، ومن أسباب صلاح المجتمع، ومن أسباب كثرة النسل، وكثرة الأمة، وكثرة من يعبد الله، فينبغي الجد في ذلك، ولكن ينبغي له أن يختار المرأة الصالحة. اهـ المراد.

 

[مقتطف من دروس سورة النور لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]