الحذر من الطباع السيئة
قال الشوكاني في «البدر الطالع»(2/90) في الكلام على الشيخ محمد بن إبراهيم بن الوزير رَحِمَهُ الله: وَمن رام أن يعرف حَاله وَمِقْدَار علمه فَعَلَيهِ بمطالعة مصنفاته؛ فَإِنَّهَا شَاهد عدل على علو طبقته، فَإِنَّهُ يسْرد فِي المسألة الْوَاحِدَة من الْوُجُوه مَا يبهر لب مطالعه، ويعرفه بقصر بَاعه، بِالنِّسْبَةِ إِلَى علم هَذَا الإِمَام كَمَا يَفْعَله فِي «العواصم والقواصم»، فَإِنَّهُ يُورد كَلَام شَيْخه السَّيِّد الْعَلامَة علي بن مُحَمَّد بن أَبي الْقَاسِم فِي رسَالَته الَّتِي اعْترض بهَا عَلَيْهِ، ثمَّ ينسفه نسفًا بإيراد مَا يزيفه بِهِ من الْحجَج الْكَثِيرَة، الَّتِي لَا يجد الْعَالم الْكَبِير فِي قوته اسْتِخْرَاج الْبَعْض مِنْهَا، وَهُوَ فِي أَرْبَعَة مجلدات يشْتَمل على فَوَائِد فِي أَنْوَاع من الْعُلُوم لَا تُوجد فِي شَيْء من الْكتب.
وَلَو خرج هَذَا الْكتاب إِلَى غير الديار اليمنية لَكَانَ من مفاخر الْيمن وَأَهله، وَلَكِن أَبى ذَلِك لَهُم مَا جُبِلوا عَلَيْهِ من غمط محَاسِن بَعضهم لبَعض، وَدفن مَنَاقِب أفاضلهم.
وقال رَحِمَهُ الله في «البدر الطالع»(1/291) ترجمة صالح المقبلي رَحِمَهُ الله:
وَمن أحسن شعره أبياته الَّتِي يَقُول فِيهَا:
قبّح الإله مفرّقا ... بَين الْقَرَابَة وَالصَّحَابَة
وَقد أجَاب عَلَيْهِ بعض جارودية الْيمن بِجَوَاب أقذع فِيهِ، وأوله:
أطرق كرًّا يَا مقبلي ... فلأنت أَحْقَر من ذُبَابَة
ثمَّ هجاه بعض الجارودية فَقَالَ:
المقبلي ناصبيّ ... أعمى الشَّقَاء بَصَره.
وَبعده بَيت أقذع فِيهِ.
وَهَكَذَا شَأْن غَالب أهل الْيمن مَعَ عُلَمَائهمْ؛ وَلَعَلَّ ذَلِك لما يُريدهُ الله لَهُم من توفير الْأجر الأخروي. اهـ.
وفيه وصْمُ غالب طباع أهل اليمن بهذا الداء مع علمائهم، الذي لا يتخلص منه إلا من نجَّاه الله وسلَّمه منه.
نسأل الله السلامة والعافية.